الأربعاء، 7 مارس 2012

الثورة ظاهرة طبيعية ...

 


حكيمة يوسفي                                      



 


سألت جدتي يوما، ما رأيك في الثورات العربية أجابتني فورا ً(رغم أنها لم تتابع أبدا وليست مهتمة ولا واعية لما يحدث في العالم العربي من شتاء أو ربيع عربي وأنا اسميه غباء عربي )،فأجابت: " الله يلعن اليهود أينما حلوا ،كل هذا بسببهم "


جوابها كافي بالنسبة لي فهي رغم عدم متابعتها فحدسها قادها إلى أن اليهود سبب كل مآسينا ،في الحقيقة ليست مآسي لقد علمتنا الكثير هذه الفورات قصدي الثروات .
جدتي إذن تؤمن بنظرية المؤامرة و تستنكر ما يحدث لأنها تعرف أن الحريات تفتك من الأعداء لا من الرؤساء ،الحرية في نظرها حرية العقل و الفكر ،فرغم أميتها فهي دائما تشجع على العلم والدراسة و قد التحقت متأخرة بصفوف محو الأمية لتدرك ما فاتها وتحقق حلمها وهو الكتابة وفك الحروف وبالفعل استطاعت أخيرا التحرر من قيود الأمية ،هذا نوع من التحرر والانتصار على الذات .
لو قارنا الحرية بهدف نستطيع الوصول إليه لكن بانتصارنا على ذاتنا أولا، و تحديد هدفنا ثانيا و التخطيط له و العمل علي تحقيقه ثالثا، ولم يحدث ما يسمى بالربيع العربي ،ولكنا الآن ننعم بربيع وفقط ،ملئ بالزهور لا بالجثث و المروج الخضراء لا بالدماء الحمراء و بالإعلام الهادف لا إعلام كاذب مضلل .


التخطيط هو جزء من السنة وهو جزء من التكليف الإلهي الذي طولب به المسلم وخير مثال على ذلك دقة التخطيط لهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم فكل من تأمل أحداثها رأى بوضوح ذلك من بداية الهجرة إلى انتهاءها ،هل كانت الثورات العربية مخطط لها ؟ هل خطط البوعزيزي لحرق نفسه و تحرير بلده هل خطط الليبيون لثورتهم على القذافي هل خطط المصريون لخلع مبارك ؟؟؟ وهل خطط السوريون لمجازرهم و أحزانهم؟ هل الثورة ظاهرة طبيعية ؟
فرضية محتملة ،أن تستيقظ شعوب كاملة في يوم ما على أكبر كذبة ،تسمى ثورة الحرية و أنها كانت وهما وبدل أن نتحرر من شيء واحد أصبحنا نبحث عن حُريتيْن أن نستعيد حريتنا و أن نعيد البحث عن حرية ما قبل حريتنا !!
في حدسي وليس في نظري  -لأني لا افقه شيئا في السياسة- كل ما يحدث الآن جد طبيعي فالحروب رغم وحشيتها على مر العصور أمر طبيعي جدا ،كما قال اليهود لتبرير جرائمهم على الاممين (الشعوب الأخرى من غير اليهود) كل شخص سيموت بطريقة أو بأخرى  ولذا فقتل الاممي أمر جائز  ولا حرج فيه ...
" تخيلوا كل العالم يعيش الآن في سلام و أمن و حرية وسعادة -وهذا ما تهدف إليه كل ثورة في العالم-لا حروب لا صراعات هل سنعرف المعنى الحقيقي للسلام ؟؟ و الأمن والحرية والسعادة لما خلقنا الله إذن؟؟" كان هذا السؤال البرئ لأختي الصغيرة بعد أن ملت من لعب المزرعة السعيدة و العاب تلبيس باربي و العاب الطبخ  ،وغيرتها إلى لعبة اعنف فهي تريد أن نعرف كيف ينتصر الخير على الشر ؟
و طبيعي أيضا أن تنقسم آراء الناس فهناك من يؤيدون الثورة بشدة و هناك من يعارضون وبشدة وهناك من لا يهتمون بشدة و يلعبون المزرعة السعيدة  لأنها خالية من أي شيء يدل على الثورة ووجع الرأس .
هل تحررنا فعلا ؟ بالأحرى هل كنا مقيدين فعلا !! نعم ،لم نتحرر ونحن مقيدون  فكريا ممكن نفسيا ممكن اقتصاديا  لا ادري ممكن كلهم !
وان تحررنا فرضَا و لكن بقي كل شخص مقيد فكريا إذا سننعم بحرية مقيدة وسنحتاج لثورة أخرى لتحرير حريتنا.
هل ينفع البحث عن الحرية جماعيا ؟تخيلوا لو تحررنا فردا فردا ،وبعدها بحثنا عن حرية جماعية لكان أفضل؟ هذه مجرد فكرة .
أنا أشبه الثورة  بفورة البراكين فهذه الاخيرة ظاهرة طبيعية بحتة .


 


                                                                 حكيمة يوسفي 

هناك تعليقان (2):

  1. بحاجة أن نعرف ما معنى ثورة حتى نعرف كيف نقوم بها
    الثورة ليست اسقاط نظام وشعارات حرية ترفع هو مخطط مستقبل اسقاط عالم وقيامة عالم آخر هل من قاموا بالثورة قادرين على اقامة عالم آخر وهل هي ثورتهم أم ثورة الآخر وهم قامو بتنفيذها
    انها مهزلة حقيقية
    بوركت على الموضوع اختي الكريمة

    ردحذف
  2. ثورة بركان فعلا9 مارس 2012 في 4:28 ص

    رؤية منطقية عقلية معك حق

    ردحذف

حوار مع الكاتب والمترجم ومُؤسِّس "مجتمع رديف" الأستاذ يونس بن عمارة على جريدة الحوار ~ْ

الكاتب والمترجم ومُؤسِّس "مجتمع رديف" الأستاذ يونس بن عمارة للحـوار: غاية مشروع "مجتمع رديف" الأساسيّة إضفاء قيمة اقت...