الجمعة، 22 يناير 2021

المدوّنة ومصمّمة الجرافيك شروق بـن مبارك للحوار: التجربة الجزائرية في التصميم الجرافيكي ضعيفة

المدوّنة ومصمّمة الجرافيك شروق بـن مبارك للحوار:

التدوين غيّر حياتي، وموهبتي في التصميم الجرافيكي كانت الورقة الرابحة في كلّ المشاريع التي دخلتها 



-        التدوين المتخصّص أداة مهمّة لصنع جيل يُعلّم ما يتعلم، وهي أفضل وسائل التعلّم.

-        انتقاء المحتوى يساهم في خلق مجتمع قارئ

-        التجربة الجزائرية في التصميم الجرافيكي ضعيفة والسبب يكمن في غياب معنى هذا الفن في سوق العمل وقيمته التسويقية والفنية في المنافسة العالمية.

-        مشاركتي بأعمال تطوعيّة في التصميم الجرافيكي للجمعيات الطلابية والخيرية ساهمت في بروز تجربتي والتسويق لأعمالي.

-        الكتابة هي عالم الإنسان الحرّ وهي ما تحقّق حريّته.

-        ليس المهمّ أن نفكّر في نشر ما نكتبه بقدر ما نعي ونستوعب ما يمكن للكتابة أن تقدّمه لنـا.

-        الحاجة لترجمة المحتوى الأجنبي ضرورة حتمية وأسعى للمساهمة في إثراء المحتوى العربي عن طريق الترجمة


·       حاورها: منير سعدي


يخلق التدوين نوافذًا للحوار والمعرفة وجسوراً بين الفئات المختلفة ومتنفّسا للتعبير الحرّ بمختلف أشكاله، ويحظى التصميم الجرافيكي اليوم باهتمام كبير في العالم لقدرته الفعّالة في نقل صورة معيّنة للناس، وتعتمد عليه بشكل أساسي أغلب المشاريع لما يحقّقه من منفعة.

يسلّط الحوار الضّوء على تجربة شروق بن مبارك التي جمعت بين التدوين والتصميم الجرافيكي، بالإضافة إلى تخصّصها في الطبّ, وسنتعرّف كيف استطاعت أن تفتح  قنواتٍ بين هذه المجالات التي ساهمت في تطوير مهاراتها فيها، تردّدت شروق في قبول الحوار في بادئ الأمر منطلقةً من قناعتها بتواضع تجربتها، ولكنّ ما تحقّقه وتقدّمه في هذين المجالين يفرض علينا التعرّف على أهمّ تفاصيل تطوّر تجربتها، وكذلك رأيها في جملة من الأسئلة المتعلقة بالتدوين والتصميم الجرافيكي.

 

-        كيف تجيبين على السؤال الشّهير، كيف تعرّفين نفسك في كلمات قليلة؟

طالبة علم، باحثة عن المعنى، شخص يسعى لإيصال رسالة، مدوّنة ومصمّمة غرافيك، خرّيجة كليّة الطب.


-       كيف بدأت علاقتك بالتدوين الالكتروني، وما الذي يبقيك متمسّكة به خاصّة بعد تراجع حركته وتأثيره بسبب انتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي يقال أنّها سحبت البساط من المدوّنات؟ وهل أثّرت سلبًا أو إيجابًا على تجربتك التدوينيّة؟

التدوين غيّر حياتي، ومنحني الإحساس بأنّ ما أقوله مهمّ، وأنّ رسائلي تصل للآخرين.

قبل سنوات كان للتدوين قيمة كبيرة والعالم كان مهيّئا للمدونين، إلا أنّها تراجعت ما إن هيمنت مواقع التواصل الاجتماعي على الجميع، والفرق بين ما تقدّمه وبين التدوين شاسع جدا، إلا أنّ ما حدث وقوة مواقع التواصل الاجتماعي جعلت الأمر يبدو أن ما يكتبه الفرد يلاقي رواجا أكبر وأنها بديل جيّد للتدوين المعزول، فهي مواقع تتميز بكثرة المستخدمين، يبدو هنا الفرق جليا، الجميع ومختلف المستويات تجدها على مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأت تطغى عليها التفاهة وسطحية المحتوى والأغلبية لا تقرأ النصوص الطويلة، هنا يأتي دور المدوّنات حيث لا يدخل بيتك إلا من يريد ذلك حقا وهو مهتم بما تكتب.

 

-       سلسلة "نشرة الأسبوع" التي باشرتِ نشرها منذ أشهر من أهم ما لفت انتباهنا في مدوّنتك، حيث تشاركين قراءك من خلال تدوينة أسبوعية جديدك في القراءة والكتابة والتصميم، ماذا تضيف لك وللقرّاء هذه السلسلة؟

 

النشرة الأسبوعية تساعدني في البحث عن الجديد، وتحثّني لاستسقاء معلومات مختلفة ومتنوعة والأهم من هذا كلّه هي أنّها قد خلقت عادة مهمة عندي وهي القراءة المتواصلة لعدد كبير من المقالات أسبوعيا، والاستماع لأكبر عدد ممكن من البودكاست، والبحث المتواصل عن أفلام ووثائقيات ذات معنى بديل جيّد للتفاهة التي تغمر شاشاتنا هذه الأيام.

أفعل كل هذا لأغربل الأفضل وأشاركه قراء مدونتي، فعملية انتقاء المحتوى هي عملية مهمة ودقيقة، تكمن أهميتها أيضا في المساهمة في خلق مجتمع قارئ، فأنا أشارك مقالات من مدونين ومدوّنات عربية وأجنبية وهي طريقة لتوجيه قرائي إلى تلك المدونات، فالقارئ لا يبقى محصورا في محتوى مدونتي بل أفتح له الباب لاكتشاف عدد كبير من المدونات والمواقع الجديدة.


-       كيف ساهمت تجربتك في التدوين في صقل موهبة الكتابة لديك، وكذلك في منحك نوافذ جديدة على تجارب أخرى، ككتابة مقالات على منصّة "زد" مثلا؟

التدوين له أنواع عديدة، فكما يمكن للمدون أن يدوّن عن يومياته أو عن تجاربه الخاصة، يمكنه أن يدوّن حول علوم متخصّصة قصد تثقيف وتعليم القارئ، وهنا تكمن قوة أداة التدوين، فتدوين اليوميات يجعلها أكثر أهمية فهي ليست حبيسة الدفتر بل هي تحمل تجارب خاصة ينفتح بها الكاتب على قارئه، هنا يمكن القول أنها تجربة حياة، وإذا تكلّمنا عن التدوين المتخصّص فهي أداة مهمة لصنع جيل يُعلّم ما يتعلم، وهي أفضل وسائل التعلّم من الأساس، فالتدوين هو المساحة التي يشارك فيها الواحد ما يمتلك من أفكار مع الآخرين.

ومن إيجابيات التدوين أنه يخلق الفرص للكاتب أن يعرّف بنفسه وبكتاباته وأسلوبه، فهو يدوّن دون قيود وهذه الحرية مهمة في فعل الكتابة.

 

-       كيف ترين التجربة التدوينيّة الجزائريّة، هل ثمّة تجارب جادّة تقدّم محتوى ذا قيمة؟ وهل ساهمت حقّا في صناعة التغيير؟

نعم أرى أنّ التجربة الجزائرية محترمة جدا، فعدد مستعملي الإنترنت في الجزائر مقارنة بدول عربية أخرى يعد عدد ضئيل مع ذلك أرى أنّها تنافس المحتوى العربي والأجنبي وهي في طريق مبشّر جدا على الرغم من عددها المحدود.

نعم أرى أنّها تساهم في التغيير، خاصّة في الأشهر الأخيرة بسبب الحجر المنزلي اتجه الكثيرون للتدوين وهناك من عاد إليه بعد انقطاع تماما مثلي، وكأن الجميع ملّ من هرجة مواقع التواصل الاجتماعي وصار من المهم أن يخلق الواحد مساحته الخاصة الذي يكتب فيها أفكاره.

 

-       أنهيتِ دراسة الطبّ هذا العام، وتجربتك الجديدة في التدوين المرئي هي تجربة في التدوين الطبّي، التي بدأتها مع بداية أزمة كورونا حول العالم ووصولها إلى الجزائر، حدّثينا عن هذه التجربة الاحترافية في نشر الثقافة الطبية والصحية، وكيف ساهمت دراستك للطبّ في إثراء تجربتك التدوينيّة؟

إنها شبكة متواصلة، وكل مرحلة تأخذني للتي بعدها، من الضروري أن أبحث عن وسائل لتوصيل المعلومة والثقافة الطبية، والتدوين المرئي يعدّ الأفضل في وقتنا الحالي من ناحية الاستقبال، كما أن تجربة دخول عالم المونتاج هي تجربة لطالما أجلتها بسبب ضيق الوقت، جمع الشغف بمجال الدراسة شيء مهم فكل طرف يخدم الآخر لتقديم مادة محترمة تتطور مع التجربة المتواصلة.


-       درستِ الطبّ وفي الوقت نفسه احترفتِ في مجال التصميم الجرافيكي الذي يأخذ وقتا وجهدا كبيرا، كيف كانت بداياتك مع هذا المجال وكيف استطعت أن تطوّري مهاراتك فيه رغم انشغالاتك وارتباطاتك بمجالات أخرى؟

سأجيب تماما كما أجاب المرحوم الدكتور الكاتب أحمد خالد توفيق، أنا لم أجد الوقت ولم أعرف كيف أفعلها!، فعلا لم أجد الوقت لفعل كل ما أريد فعله في الوقت الذي أريد، الحياة غير مرتبة بالطريقة التي نريدها وهذه حقيقة، لكن الأمر يدفعنا لتعلم بعض المهارات لنستطيع عيش التجارب التي نرغب فيها، المهارة الأهم هي ترتيب الأولويات، وكل مرحلة عمرية وحياتية توجه للأهم. وهكذا.

بداياتي في التصميم الغرافيكي كانت قبل دخولي الجامعة، أما الجامعة فكانت تجربة استثنائية ابتلعت كل وقتي، لكن حينها ولسنوات جعلتها أولويتي، لأنّه كان عليّ ذلك، فهي تجربة حياة مهمّة كان عليّ أن أمنحها اهتمامي حتى أجد توازني أو هكذا شعرت، من الصعب أن يمسك الإنسان العصى من المنتصف، لكن الحياة مليئة بالتضحيات حتى تستمر، المهم أن يعرف الإنسان بما يضحي وهل ما يضحي من أجله يستحق.


-       بماذا تتميّز تجربتك في التصميم الجرافيكي عن غيرها من التجارب؟

تجربة التصميم هي بمثابة التجربة التي دخلتها بدافع الشغف المحض، واستمر الأمر إلى يومنا هذا، لم تكن تجربة كان عليّ القيام بها لأي سبب من الأسباب عدا أنها كانت عالما جميلا اكتشفته ووقعت في حبه.


-       كيف ترين التجربة العربية والجزائرية تحديدا في هذا المجال، وكذلك سوق العمل؟ هل يحقّق طموح المصمّمين المحترفين الذين يعتمدون على التصميم كدخل وحيد لهم؟

يمكن القول أن التجربة العربية مشرّفة في مجال التصميم الغرافيكي، خاصة منطقة الخليج التي تولي اهتماما مبهرا للمجال، تبقى التجربة المحلية الجزائرية ضعيفة مقارنة بما سبق وذكرته، لكن هناك بوادر التحسن، التي أتمنى أن تستمر بشكل أسرع ممّا هي عليه الآن، تبقى المشكلة التي علينا مواجهتها هي التوفيق بين فن التصميم وقيمته وسوق العمل، الذي عليه أن يفهم معنى هذا الفن وقيمته التسويقية والفنية في المنافسة العالمية.

لا يمكنني الجزم إذا كان سوق العمل المحلي يوفر للمصمم الدخل المناسب، خاصة المصمم المستقل، أرى أن الأمر يحتاج إلى نضج أكبر من طرف المصمّم والعميل على حدّ سواء، كتقنين الأسعار وجودة الأعمال وطريقة تصديرها وعرضها.



-       لماذا مهنة التصميم الجرافيكي في الجزائر غير منتشرة وذات قيمة تليق بها كمهنة مواكبة للعصر كباق المهن على غرار الدول الغربية مثلا، وكيف برأيك ننهض ونطوّر هذا المجال؟

على مدار عقود مضت، بقى السوق الجزائري يحوم حول المنتوج الواحد، الذي ليس له بديل، والذي لا يحتاج أصلا إلى تسويق لأنه الوحيد الموجود في السوق وفي المتناول، قد يكون هذا سببا رئيسيا في وجود فجوة واضحة في مجال التسويق والتصميم، إلا أن الأمر تغير في السنوات الأخيرة، كما أن الطموح بدأ يكبر في الوصول الى العالمية، وهذا يحتاج إلى جهد تسويقي وجمال في تقديم المنتوج كيفما كان نوع المنتوج، لذلك بدأ يظهر الاهتمام بالتصميم وجودة تصدير الأعمال وطريقة عرضها وتسويقها.


-       هل ثمّة جهات تعليميّة في الجزائر متخصّصة في التصميم لتكوين المصمّمين وتأهيلهم لسوق العمل أم أنّ التجربة الجزائرية تنصحر في المجهودات الشخصية؟

نعم من المؤكد أنها موجودة، كمعاهد الفنون الجميلة، كما أنه بدأت في الظهور دورات تدريبية في المدارس الخاصة، شخصيا لا أعرف عن الأمر الكثير، لأنني شخصية عصامية في المجال، ولم تكن لدي تجربة في أي مدرسة أو معهد، لكن يبقى الأمر مشابها لأي مجال كان، المجهود الشخصي يصنع الفرق مهما كان جودة ما تحصل عليه من معلومات في المدرسة أو المعهد، لكن الجدير بالذكر هو أن الدراسة الأكاديمية تختصر الوقت وتسهم في تنظيم الأفكار ووضع المصمم في السكة الصحيحة، بل أعتقد أن التعلم النظري مهم جدا بالنسبة للمصمم وعليه البحث عن مصادر أكاديمية محترمة يستسقي منها خبراته.


-       كيف تسوّق شروق بن مبارك تجربتها لجلب مشاريع عمل، أم لم تفكّر بعد لدخول سوق العمل؟

حتى يسوّق المصمم المستقل لنفسه، عليه أن يكوّن شبكة كبيرة من العلاقات، مع المؤسسات والشخصيات الفاعلة في السوق، وأن يحاول الدخول في التجارب التي توفر له الظهور والبروز كمصمم محترف، أيضا التواجد الالكتروني مهم، ووجود صفحات رسمية له، وحسابات محترمة في مواقع العمل المعروفة التي يستعملها كمعرض لأعماله ومشاركاته المختلفة، وما أنصح به بشدة خاصة لمن دخل السوق حديثا، هو المشاركة بأعمال تطوعية للجمعيات الطلابية والخيرية، والتي من خلالها سيجمع معرض أعمال محترم، وشبكة علاقات تدفعه للعمل بشكل أكثر احترافية، وأنا أعمل بما سبق وذكرته قدر الإمكان.

-       من خلال ما تعلّمتِه، برأيك ما هي المهارات التي يجب أن تتوفّر في مصمم الجرافيك، كنصيحة لمن يحبّ هذا المجال ويسعى للاحتراف فيه؟

الممارسة ثم الممارسة والتعلم الدائم، مع عدم إهمال فهم عملية التصميم بشكل نظري ليكوّن لديه ذوق فني معتّق.


-       تقدّمين دروسًا ونصائح طبية لزوّار صفحاتك، في قوالب مصمّمة بشكل احترافي، كيف تساهم موهبتك في التصميم في نشر الثقافة الطبية والصحية؟

موهبتي في التصميم الغرافيكي خدمتني بشكل كبير في حياتي، فهي كانت الورقة الرابحة في كل المشاريع التي دخلتها، ولأنني أعمل في المجال الطبي وأدرس فيه، من البديهي أن تكون لدي مشاركتي في مجال دراستي، والتصميم ساهم في خلق بصمتي الخاصة في هذا المجال، والتي تمخضت لحدّ الآن في ما أقدمه في صفحتي الطبية وقناتي الطبية.



-       أنت مهتمّة جدّا بالقراءة والجديد من الكتب، وحاضرة وداعمة ومساهمة للعديد من مشاريع دعم المقروئية، كيف ترين حضور الكتاب والقراءة في الجزائر، خاصة لدى الجيل الجديد والطلبة؟

لقد صار للكتاب والقراءة في الجزائر حضورا جدّ محترم، وبدأت تتكوّن لدى العامة من الناس ثقافة القراءة، أو على الأقل لم يعد حمل كتاب فلسفي أو أدبي أمرا غريبا أو مثيرا للسّخرية كما كان الأمر قبل سنوات، وهذا يدلّ على أن الجيل الجديد يدرك أهمية القراءة، ومن واجبنا أن نساهم في رفع وعي الشباب ومحاولة دفع عجلة الإنتاجية في هذا المجال.


-       لشروق بن مبارك مساهمات أدبيّة غير منشورة، ورواية "جسر من الوعود" واحدة منها، لماذا لم تصدر بعد، هل هو التردّد أم غياب الفرصة المناسبة؟ وكيف ترين واقع النشر وصناعة الكتابة في الجزائر؟

أعتبر تجربة الكتابة من أهم التجارب الحياتية التي قد يدخلها الإنسان، لما تحمله من عمق ذاتي وفكري، لطالما اعتقدت أن كتابة عمل متكامل من أصعب المهام الذي قد يقوم بها أي شخص، لكن ما اكتشفته بعد أن كتبت روايتي "جسر من الوعود" أن كتابة عمل جيّد لا يكفي لينشر وأن تصل رسالته، بل قد يصل الأمر إلى أن يكون الحلقة الأضعف مع قوانين النشر في الوطن العربي، الكتابة هي تجرّد الكاتب أمام قارئه وعلى قدر حساسية الأمر يشعر الكاتب أن العمل كطفل ولد حديثا وعلى الجميع مراعاته، لكن ما يحدث هو عكس ذلك، يدخل الكاتب في سباق محموم ليس فقط بعمله بل بتاريخه ومدى حضوره في الساحة الأدبية، وخاصة بما يملك من مال لصرفه على العمل طباعة وتسويقا، وهكذا تضمحل الفرص إذا كانت تجربته الأولى، إذا كان صغير السنّ، إذا كان لا يملك الملايين لتحمّل نفقة الطباعة وكل هذه الأمور تطلبها دور النشر لقبول العمل، وفي حالة تفوّق الكاتب بعمله الذي أظهر براعة كبيرة يبقى عائق المادة عائقا كبيرا وهذا ما حصل معي، لقد اصطدمت بعدّة عوائق حالت دون نشر عملي، الذي أرفض رفضا قاطعا نشره بشكل يقلل من قيمته أو نشره بشكل سيء فيعود عليه بالسلب، يبقى في آخر المطاف الهدف ليس الظهور أو النشر والسلام، بل كل العوامل مهمة للكاتب ولطفله الذي تشكل في أحشائه سنوات وسنوات فلا يمكن اهانته بأي شكل من الأشكال.


-       هل الكتابة تحقّق حريّتك، أم هي بالنسبة لك عالم الإنسان الحرّ؟

أرى أن الكتابة هي عالم الإنسان الحر وهي ما تحقق حريته، فالكتابة فعل مهم لأي إنسان يجيد الكتابة أو لا، فهو فعل يسهم في فهم الذات والاقتراب من عالم الأفكار وهذا يهذب الروح ويؤنسها بذاتها، ويجعل عملية فهم الذات أيسر، بغض النظر إن كان ما يكتب ينشر أو لا، فليس كل ما نكتبه نقوم بنشره، وليس المهم أن نفكر في نشر ما نكتبه بقدر ما نعي ونستوعب ما يمكن للكتابة أن تقدمه لنا.


-       تحاولين إضاءة بعض التجارب العربية في التدوين والتصميم والرسم والتعريف بها في الفضاء الجزائري من خلال حوارات تجرينها مع أصحابها ،ما الهدف من هذه المبادرة، وماذا تضيف لك؟

من المهم أن نخبر من أجاد شيئا أنه أجاده وأن نشكره عما يقدمه، فهذا يعزز قدرة الأشخاص في تقديم الأفضل، من الجميل أن يشعر الواحد أن رسائله تصل للآخرين، ومحاولاتي في نشر تجارب الآخرين عبر حوارات أجريها بشكل متواصل خدمة لها العديد من الأبعاد، كالتعريف بهؤلاء المبدعين، فرصة للتسويق لأعمالهم، منحهم الاهتمام الذي يستحقونه ودفعهم نحو تقديم الأفضل.


-       تخوضين مؤخّرا تجاربا في الترجمة باللغة الانكليزيّة، ماذا يعني لك فعل الترجمة؟ ماذا تترجمين، وإلى ماذا تسعين من خلالها؟

تجربة الترجمة هي تجربة فرضت نفسها ولم أسعى لها بشكل مباشر، فهي مرحلة مهمة وصلت لها، بعد الخوض في الكتابة التي تفرض على الكاتب القراءة المتواصلة بلغات مختلفة، تصير الحاجة لترجمة المحتوى الأجنبي ضرورة حتمية.

الترجمة مجال واسع وعميق وأسعى جاهدة للتعلم بشكل دائم ومحاولة المساهمة لإثراء المحتوى العربي عن طريق الترجمة.



-       التدوين، التصميم، القراءة، البحث المكثّف والدراسة، ومشاغل الحياة، وكلّها تأخذ وقتا وجهدا، من أين تستمد شروق القوة والوقت والإرادة للقيام والتوفيق بين كلّ ذلك؟

خلق الله سيدنا آدم عليه السلام خليفة له في الأرض، ونحن كبنو آدم لدينا ذات المهمة في أن نحاول أن نكون خلفاء جيدين لله سبحانه وتعالى، يبقى الهدف الأولى والأسمى هو رضى الله عزّ وجل، وكل أعمالنا الدنيوية إذا كانت تصب في منحى رضى الله فهي أهداف جيدة وجديرة بأن يسعى الإنسان من أجلها، فضّل الله جلّ جلاله الذين يعلمون على الذين لا يعلمون، واليد العليا خير من اليد السفلى، وفضّل العالم على العابد، كل هذا يجعل ما أسعى له جدير بالتضحية من أجله، تبقى أن الحياة لا تخلو من محطات الألم، ومحطات النجاح وكل محطة مهمة لسيرورة الحياة.


-       مشاريعك وخططك المستقبلية؟

لا أعرف ما تحمله الأيام لي، وأين ستأخذني أمواجها، يبقى أن ما أؤمن به هو أنه ليس للطموح حدود كما ليس للسماء حدود.

-       كيف ترين جزائر الحراك وما بعده؟

ما جعلني الحراك أعيه بشكل أكثر وضوحا، هو أن التغيير عملية مشتركة، يتشارك فيها الجميع وكل واحد من منطلق نفسه، الحراك أعاد لنا شعور أن وجودنا كمواطنين جزائريين مهم، ورأينا مهم، وما نريده مهم، بعد سنوات من العيش على الهامش في كل المجالات، إذن فهو قد أعاد لنا القدرة على الإيمان بالأفضل، وأن ما نسعى له هو عملية تركيبية يشترك فيها الجميع.


-       كلمة في ختام الحوار لقرّاء الحوار.

أشكر طاقم (جريدة الحوار) على هذه الفرصة، وسعيدة بتواجدي على صفحاتها.


* انقر على الرابط هنا، لقراءة وتحميل الحوار بنسخته الأصلية من جريدة الحوار الجزائرية بجودة عالية.

حوار مع الكاتب والمترجم ومُؤسِّس "مجتمع رديف" الأستاذ يونس بن عمارة على جريدة الحوار ~ْ

الكاتب والمترجم ومُؤسِّس "مجتمع رديف" الأستاذ يونس بن عمارة للحـوار: غاية مشروع "مجتمع رديف" الأساسيّة إضفاء قيمة اقت...