‏إظهار الرسائل ذات التسميات التدوين الجزائري. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التدوين الجزائري. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 5 سبتمبر 2013

منير سعدي لجريدة المقام : تجربة التدوين في الجزائر تعاني نقائص من حيث الجدية و الطرح


الكاتب و المدون منير سعدي لجريدة المقام :
   تجربة التدوين في الجزائر تعاني نقائص من حيث الجدية و الطرح


حاوره: عبد القادر بوماتع

يعرف المدون منير سعدي، في هذا الحوار أن التدوين في الجزائر مازال في مرحلة البداية أو بداية البداية ما دامت المدونات التي لاقت انتشارا في الجزائر قليلة جداً مقارنة بتجارب أخرى في دول أخرى، مؤكدا أن نجاح المدونة يقف على عناصر تحديثها بشكل دائم والاهتمام بمحتواها والعمل على أهدافها.
حدثنا عن بدايتك في التدوين؟

منذ بداية استخدامي للأنترنت كنتُ مهتما بإنشاء المواقع الإلكترونية الخاصة مع صعوبة امتلاك التقنية لتحقيق ذلك وقتها عكس اليوم، إلا أن إصراري على فكرة فتح فضاء خاص بي يعبّر عن أفكاري وآرائي وأنشر ما أكتبه تراودني باستمرار، خاصة وأني كنتُ أحس نفسي مثقلا بالكثير في ذهني تثور بداخلي كل لحظة تبحث عن متنفس وعما يحتضنها.. نصوص شعرية وقصصية، مقالات وخواطر وكان همي أن أساهم في خدمة المجتمع وأؤدي دوري بما أمتلكه من موهبة قد تساهم بجزء في تحقيق حلمنا بالانطلاق نحو التغيير الذي نطمح، رغبة في دخول تجربة ومغامرة تحتضن موهبتي وتوصل أفكاري إلى غيري مهما كانت الوسيلة، حتى عام 2005 على ما أذكر أطلق موقع "جيران" خدمة المدوّنات المجانية ووجدتها فرصة جيدة لي للبدء والانطلاق نحو تأسيس فضاء خاص بي يعبّر عن أفكاري وأنشر به ما أكتب دون تعديل وحذف ومصادرة ورقابة تلغي الجزء الأهم منها على غرار ما نعرفه عن الإعلام التقليدي، حيث كانت فرصة النشر في الجرائد ليست بالفرصة سهل الحصول عليها !، فأطلقت مدونة "صمت الثورة" وكنتُ أدوّن فيها بشكل مستمر بالإضافة للنشر في عديد المواقع والمنتديات، كما لم أفوّت فرص النشر بالجرائد أيضاً رغم تعلّقي بالتدوين الإلكتروني الذي فتح لي فرصا وتجاربا أخرى، وهذا أجمل ما شدني دائما هناك تجارب جديدة تدخلها بفضل التدوين والتواصل مع المدونين والمهتمين بالمجال والحرية التامة التي يتمتع بها المدون بعيداً عن كل أنواع الرقابة إلا الذاتية والضمير والأخلاق، اهتمامي بالجانب الثقافي والأدبي في المدونة ساهم في انتشارها واستقطاب القراء إليها، ما أضافته تجربة التدوين لدي لم تضفه تجربة أخرى فهي تفتح لك المجال لطرق أبواب أخرى وتُسهل لك طريقة التواصل مع أسماء عديدة والاستفادة من تجاربها وتبادل الخبرات معها، تعزز فيك ثقافة المساهمة والمشاركة وتبادل الأفكار وتسمو بك وتتجاوز بها التفاصيل الروتينية والعقد التي يعرفها المجتمع الذي نعيش فيه، التدوين سلوك حضاري إنساني يلغي بشكل رهيب الهوّة والهوامش التي تصنعها قوانين المجتمع بين الأفراد في ظل عادات وتقاليد بالية ساهمت في تدهور العلاقات وإحساس الإنسان الذي يعيش فيه بالغربة القاتلة وهو في وطنه بين أهله وكل من يعرفهم.

لماذا "صمت الثورة"؟

اسم "صمت الثورة" ظلّ في بالي طويلا من قبل إطلاق مدوّنتي، دائما على قناعة تامة أننا بحاجة إلى ثورة مستمرة فينا ترافقنا في كل تفاصيل الحياة، ما أقصده بصمت الثورة هو الثورة الصامتة التي لا تصدر ضجيجا وفوضى.. لا تُلفت الانتباه ولا تجلب المشاكل واللصوص وأعداء الإنسان إليها ولا تدخلنا في صراع وصدام من أي نوع مع الآخر، الثورة التي تعمل في صمت وتظهر ملامح تغييرها وتأثيرها على المجتمع من دون أن تترك أثرا للخراب والدمار ودون إراقة قطرة دم واحدة كثقافة الدمار التي تكرّسها اليوم ما تسمى بالثورات العربية أو ربيع/الدماء!، صمت الثورة هي ثورة بأسمى معانيها الإنسانية النبيلة والتي تولد مع الإنسان وترافقه في الحياة حتى آخر لحظة فيها في أقواله وأفعاله وفيما يكتب ويفكر أيضاً، هذا الذي يسمى بالربيع العربي ما يشوه مصطلح الثورة.. والإنسان عموما، لكن الثورة حقيقة ونبيلة في أصلها ومعناها الحقيقي مهما حاولوا استغلالها لتشويه مفهوم التغيير وربطه بالعنف والدمار والهمجية والفوضى، فالثورة التي لا تغيّر الفرد أولا وسلوكياته وتعزز فيه الأخلاق والإنسانية وتصالحه مع عقله هي انتحار واحتضار واتساع لمساحة الهمجية والغاب في الحياة كما يحدث في واقع اليوم مهما حاول إعلام الدعاية تسويق عكس ذلك فيما يقدمه من وجبات دسمة ومسمومة طبعا.

هل حاد التدوين في الجزائر؟

لا يمكنني أن أطلق أحكاما على مستوى التدوين في الجزائر وهل هو في الطريق الصواب أم لا احتراما لخصوصيته وكونه ولد حرا ولاختلاف رؤية كل مدون للتدوين والتي تبقى نسبية الصحة في الأخير، فأهم ما يميزه الاختلاف من مدون إلى آخر حتى في التعريف به فبرغم مرور سنوات عديدة على ظهوره لازلت أراه في مرحلة البداية أو بداية البداية ما دامت المدونات التي لاقت انتشارا في الجزائر قليلة جدا مقارنة بتجارب أخرى عديدة غير الجزائرية، لو قارناه عربيا هناك العديد من التجارب التي لاقت انتشارا واسعا وتأثيرا على غرار التجربة المصرية التي كانت سبّاقة إلى هذا الفضاء، كما التجربة التونسية كذلك وغيرها غير الجزائر، وذلك يعود لطبيعة وظروف كل مجتمع فتاريخ بروز التدوين مثلا في مصر وتونس يختلف عن الجزائر التي وصلتها الثقافة الإلكترونية عموماً متأخرة وبرز التدوين فيها في السنوات الأخيرة فقط ولا يزال لغاية اليوم محتشما، فمثلا في الجزائر بالنظر لعدد المدونات تجدها بالآلاف لكن لو دققنا وحددنا المدونات النشطة التي يحرص أصحابها على تحديثها بشكل دائم والاهتمام بمحتواها والعمل على أهدافها تجدها قليلة جدا فأغلبها تتنوع بين مدونات شخصية أغلبها في المجال الأدبي كالخواطر ومواضيع منقولة من مصادر أخرى، فبرغم مرور سنوات على ظهور التدوين الإلكتروني في الجزائر ووصوله إلى الاحتراف في عدة دول تبقى تجربتنا تعاني من نقائص كثيرة من الجديّة في الطرح إلى عدم الاهتمام بقضايا تهم الشارع والمواطن الجزائري، غياب الهدف إلى مشكل تدنّي مستوى خدمة الأنترنت إلى أسباب أخرى عديدة، برغم كل هذا لا يمكن أن ننكر أن هناك أسماء تدوينية جزائرية جادّة أثبتت القدرة على التأثير والانتشار الإيجابي رغم كل المصاعب.

لماذا لم تدخل معترك التأليف كغيرك؟

لأسباب عديدة منها أنني لا أرى بعد أنه حان الوقت، لذلك لازلت أعطي الأولوية للكتابة وأحس أنني بصدد كتابة ما هو أهم مما كتبتً من قبل برغم أن لي رصيد أعتبره كافٍ لإصدار أول كتاب متنوع كتنوع مدوّنة "صمت الثورة"، وأجّلت الفكرة لسبب آخر أيضا برغم توفر فرص الطبع في الفترة الأخيرة بالجزائر عكس السنوات الماضية إلا أن هناك مشكل كبير في توزيع الكتاب، هناك ممن أعرفهم من الأصدقاء أصدروا أولى كتبهم لكنها لم تتوفر بعدها حتى على مستوى مكان الطباعة، لا أنكر أنني أفكر في ذلك فقط أجد الفرصة الملائمة .

هل باستطاعة التدوين أن يؤثر؟

دائما هناك تأثير إما إيجابي أو سلبي كما عرفناه من خلال الإعلام التقليدي الجرائد والقنوات وغيرها من الوسائل الإعلامية، الإعلام اليوم يؤثر بشكل رهيب لكن في أغلبه تأثير سلبي لأنه أصبح خاضعا ومهيمنا عليه من طرف أجندات عديدة يحركها المستبدّون والمستغلّون الأكثر خطرا ومكرا على الإطلاق والذي يُغض عليهم النظر ويتم التعتيم عليهم لأنهم هم أنفسهم أصحاب القرار ومن يرسمون الطرق التي يجب أن يتبعها هذا الإعلام عنوة ً وإلا ما وصل حجم التأثير السلبي له إلى هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها أغلب المناطق العربية اليوم، لقد بدأت لك بهذا المثال لأصل إلى سؤالك حول تأثير المدوّنة.. تؤثّر بالشكل "الإيجابي" حينما تلامس بطرحها وبما تتناوله ما يعاني منه الإنسان حقيقة بعيدا عن اتّباع ما ترغب به الأغلبية والرضوخ لها ولثقافة الاستهلاك المهيمنة اليوم على الذوق العام الذي أفسده الإعلام التقليدي في أغلبه طبعا كي لا نلغي ونتجاهل عديد التجارب الرائدة والبناءة .. حينما تلامس أوجاع الناس الحقيقية العميقة التي تاهت وانحرفت عنها بسبب تضليل الإعلام لها وإهمالها واهتمامها بكل ما هو سطحي وقشوري وسقطت وأصبحت الناس تنفر منها بشكل رهيب بعدما فشلت فشلا ذريعا في ملامسة احتياجات الناس وأسباب شعورها بالغربة وما تفتقد إليه لذا دائما أكرّر "داؤنا السطحية ودواؤنا العمق"، تؤثر المدوّنة حينما تبتعد عما هو روتيني ومستهلك إذا ابتعدت عن الوقوع في نفس الخطأ والداء الذي أصاب وسائل الإعلام الأخرى من الجرائد والقنوات وحتى الكثير من المواقع الالكترونية التي سارت في نفس نهج الرداءة والهامش، أن يطرح المدوّن بطريقة جديدة بناءة تخاطب بشكل مختلف عن السائد ما هو جديد والاهتمام بالقضايا التي تجعل الإنسان المتلقي يتساءل باستمرار،نحن اليوم نعاني من ضياع وتيهان وغربة حقيقية بكل معنى الكلمة وساهم ما يسمى بالربيع العربي في اتساع الهوة أكثر ما بين الإنسان وعقله وضميره وإنسانيته، وأحس أنه مجرد سلعة وحقل تجارب يُفرغ محتواه لأجل تجربة جديدة ومحتوى جديد !، التدوين فعل حضاري قادر أن يرتقي بالإنسان ويعيد إليه روحه الضائعة والأمل من جديد في الحياة، إذا كف التدوين عن مجاورة الوسائل الأخرى وحافظ على حريته التي ولدت معه، إذا حمل غاية الارتقاء بالإنسان والتصالح مع أعماقه وأدواته العظيمة التي غرسها الله سبحانه فيه وهذا ما تحدّثت بخصوصه في عديد المواضيع على "صمت الثورة" وعلى صفحتي الفيسبوكية التي أعتبرها مساحة تدوين أيضاً! .

ما هي المدونات التي تتابعها؟

أتابع جديد العديد من المدونين الجزائريين أذكر منهم أحمد بلقمري، أعتبر تجربته التدوينية فريدة وطرحها راق ويتناول المهم بطريقة أكاديمية، وأيضا محمد ياسين رحمة تجربة تعلمت منها كثيرا ولازلت، عمار بن طوبال مدونته داخل المجال منذ دخلت عالم التدوين، وكذلك يوسف بعلوج ومدونته المتميزة" الفزاعة"، أقرأ لقادة زاوي عبر مدونته خربشة وأيضا مدونته "قرأت لك" التي تهتم بالكتب والتي فازت مؤخرا بجائزة أفضل مدونة جزائرية ومتأهلة الآن لنهائي مسابقة البوبز العالمية للمدونات، أيضا لحمود عصام، جابر حدبون، معمر بودالي، توفيق التلمساني، أمينة عمروش، إسماعيل قاسمي، خالد بشار، وليد ويونس بن عمارة وأسماء أخرى عديدة، وفي ظل الفيس بوك الذي ساهم في خدمة المدونين كثيراً وانتشار مدوناتهم أقرأ من خلاله للكثيرين جزائريا وعربيا.

كلمة أخيرة؟

أشكرك وكل طاقم الجريدة على الفرصة القيّمـة، على أمل أن نأخذ التدوين على محمل الجِد وندخله بأهداف بنّاءة ونؤمن به كقضية وكأداة عظيمة قادرة أن ترتقي بنا وتؤسس لثقافة تغيير هادئة تختلف عن السائدة.. نؤمن به كسلوك حضاري إنساني يكرس فينا ثقافة المساهمة في تطوير المجتمع وتعزيز الرغبة في الحضور دائما إيمانا بدورنا في التغيير مهما كانت الظروف والعقبات .


حاوره : عبد القادر بوماتع / جريدة المقام

الثلاثاء، 29 يناير 2013

حوار / الكاتب و المدوّن أحمد بلقمري لجريدة البلاغ الجزائريّة

  الكاتب و المدوّن أحمد بلقمري لجريدة البلاغ الجزائريّة :


 


 











الكاتب و المدوّن الجزائري أحمد بلقمري


التّدوين لم يبلغ مرحلة النّضج في الجزائر، و الفايسبوك خدم المدوّنين كثيرا
حوار: عبد القادر بوماتع


يكشف الكاتب و المدوّن أحمد بلقمري في هذا الحوار جانبا من واقع التدوين في الجزائر الذي يرى بأنّه ما زال في مرحلة النّضج، و اصفا إيّاه على أنّه عبارة عن حلقات للتعبير، للمواطنة.. مبرزا أنّ التدوين لم يميّع كون القارئ باستطاعته الحكم على مستوى المدوّنين و مدوّناتهم، كما تعمل الرّقابة الذاتية على التمييز بين الغث و السّمين من المدوّنات.      


كيف كانت بداياتك؟


مضت خمس سنوات منذ دخولي إلى عالم التّدوين، أعترف أنّني لم أكن مدوّنا ناجحا حيث كنت أعاني كثيرا في مجال التقنية على الرّغم من امتلاكي موهبة الكتابة، كان عليّ أن أنتظر خمس سنوات حتّى تنضج فكرة التّدوين لديّ و تصبح مدوّنتي المنوّعة: مدوّنة أحمد بلقمري  مدوّنة ناجحة، لقد اكتسبت في سنة تدوينيّة واحدة (سنة 2011 ) ما عجزت عنه طيلة أربع سنوات سابقة، حيث دخلت عالم القصّة القصيرة، و القصّة القصيرة جدّا، و الشّعر، و الصّحافة من الباب الواسع، بل استطعت من خلال مدوّنتي أن أكون مثالا يقتدى به للمواطن الصّالح الذّي لا يدّخر جهدا في تنوير الرّأي العام و المساهمة في تهذيب الذّوق.. لقد اكتشفت و اكتسبت من خلال تجربتي التّدوينية أشياء رائعة، التقيت بأناس لم أكن لأعرفهم لولا التّدوين، زرت أماكن مختلفة، تعلّمت أمورا عديدة، اكتشفت معنى المشاركة و تقاسم الأفكار و المعارف مع الآخرين، أدركت أنّ التّدوين فعل حضاري ينتمي للمواطنة حيث يقوم به الفرد لصالح مجتمعه الذي يعيش فيه، وهو كذلك فرصة ارتقاء الأفراد في مجتمعاتهم حيث يتخلّصون من القيود التي ولدوا بها و يشاركون في الشؤون و الحياة العامة، ويسعون للتعبير عن آرائهم الرّامية إلى تحقيق الحقوق الاجتماعية كالحقّ في التعليم، الصّحة، الشغل، وغيرها..


ما الذّي دفع أحمد بلقمري للتّدوين؟


يمكن القول أنّ رحلتي التّعليميّة إلى مصر فتحت عينيّ على أهميّة التّدوين في تطوير قدرات و مهارات الكتابة و التّفكير لديّ، عرفت حينها العلاقة بين النّص و الفكرة و أولويّة نحت الأفكار و تخزينها في الفضاءات الماديّة التّي لم تكن سوى أجدر المدوّنات الإلكترونية. على صفحة مدوّنتي الرّئيسيّة "مدوّنة أحمد بلقمري" وضعت شعارا يلخّص العوامل الثلاثة التي أثّرت فيّ و دفعتني للتّدوين، هذا الشّعار يقول:" هذه المدوّنة هي رحلتي في عالم الفكر، و رغبتي في التّحليل النفسي و حلمي الذّي أطارده و يطاردني..". إذن هناك رحلة و رغبة و حلم، و كلّ هذه المفاهيم لها دلالات الانتقال و البحث و الاستكشاف و التغيير، أمّا الفكر و التحليل النّفسي و الحُلم المُطارِد و المُطارَد فهي الفضاءات التّي أجد نفسي فيها باحثا عن الحقيقة.


 


البعض يصفُ كتاباتك بأنّها مُعقدة، وأنّك تخاطب النخبة؟..


فعل الكتابة هو فعل اقتناص ما أمكن من الفكرة العائمة في ساحات الوعي(اللّساني) و اللاّوعي(اللاّ-لساني)، هو فعل التّسجيل بمهارة و قدرة، لذلك قد نقبض أو لا نقبض على المعاني من حيث قدرتها على نقل التصّورات و المفاهيم. أمّا عن الجُمهور المتلّقي أو كما سميّته "النّخبة" فهو يتشكّل وفقا لمستويات النّماذج المعرفيّة المتواجدة في السّاحة الثقافية و التي تنمو طبيعيّا؛ الكتابة و القراءة فعلان يعزّزان إنتاج القيم، و يوسّعان مدى انتشارها فتنتج النُخب.  


 


وما قصّة التّاريخ في مدوّنتك؟


التّاريخ هو لاوعينا العميق، هو ما يجب أن يخرج إلى السّطح فيعزّز انتماءنا و يبعث رغبتنا في الحياة، في المستقبل، في الوجود. التّاريخ هو ما يجب ألاّ يقاوم بقمع بداخلنا، لأنّه الحقيقة التّي تنير دروب الآغاد الحالمة. لذلك أجدني باحثا عن الحقيقة في كتاباتي التّاريخيّة.


 


كيف ترى واقع التّدوين في الجزائر؟، و هل مُيّع التدوين؟


التّدوين في الجزائر عبارة عن حلقات للتعبير، للمُواطنة، للمعرفة.. التّدوين هو شكل تعبيري لم يبلغ بعد مرحلة النّضج في الجزائر، اللّهمّ بعض التجارب التّدوينيّة الرّائعة التي استطاعت أن تصنع لها جمهورا دائما، و أذكر هنا مدوّنة "قرأت لك" لصاحبها قادة الزّاوي، مدوّنة "الفزّاعة" لصاحبها يوسف بعلوج، مدوّنة "دفاتر" لصاحبها يحيى أوهيبة، مدوّنة "صمت الثّورة" لمنير سعدي، و مدوّنة "دار الزّاوية" لصاحبها إسماعيل قاسمي، و مدوّنة "يومياتي" للمدوّن عبدو، مدوّنة"شجون" للمدوّنة أمينة عمروش، مدوّنات عصام حمود و غيرها. و لا أعتقد أنّ التدوين مُيِّع لأنّ القارئ يستطيع أن يحكم على مستوى المدوّنين و مدوّناتهم، كما تعمل الرقابة الّذاتية نوعا من التمييز بين الغث و السّمين من المدوّنات.


 


ماذا عن مؤلّفاتك.. أين وصلت؟


أحصي اليوم ثلاثة مجموعات قصصية(المجموعة الأولى بعنوان: نشيد القمري الحفيد، المجموعة الثانية بعنوان: نار، نور وظلام، و المجموعة الثالثة في جنس القصّة القصيرة جدّا)، ديوانا شعريّا في قصيدة النّثر بعنوان:"غربة عازف النّاي"، و كتابا في التّاريخ وُسِم ب: بليمور، قصّة حاضرة من قبل الميلاد، إضافة إلى رواية لم تكتمل بعد بعنوان : شهقة الأرض، ناهيك عن الكتابات و الأحاديث الأخرى في الأدب و السّياسة و علم النّفس.


 


لماذا تأخّرت إصداراتك؟


أعتقد أنّ أولويّتي الآن هي الاستثمار في الكتابة فحسب، أشعر بأنّني ممتلئ الحُروف و المعاني، كما أشعر أنّني بين فكّي: سُلطة الحرف و الرّغبة في إمساك المعاني بحرفية، لذلك أجدني لا أهتمّ بنشر أعمالي إلى الآن. هناك أمر أودّ الحديث عنه، قد يعود عدم اهتمامي بالإصدارات إلى غياب سياسة جادّة للنّشر و التوزيع في الجزائر تعنى بتسويق الكتاب و الترويج له، هناك أفول كبير و رهيب لأقلام جزائريّة شابّة مقتدرة جدّا. أمّا عن المقروئيّة فالشّعب الجزائري معروف بنهمه في القراءة، و من يقول عكس ذلك فهو واهم أو ناقم.


 


من هم الكتّاب أو المدوّنون الذّين يلهمونك أو تتابعهم؟


على المستوى الوطني تعجبني كثيرا تجربة محمّد ياسين رحمة، و تجربة يوسف بعلوج التّدوينيّة لانّها متميّزة باهتمامها بالمسرح و السينما، هناك تجربة قادة الزّاوي الذّي يطلّ علينا بقراءاته للكتب من خلال مدوّنته"قرأت لك"، كما أتابع ما يكتبه منير سعدي ، و توفيق التلمساني، و يونس بن عمارة. أما على المستوى العربي فتعجبني تجربة المدوّن المصري خالد ابراهيم.


 


هل تُشاطر الرّأي من يقول أنّ الفيسبوك سحب البساط من المدوّنات؟


أرى عكس ذلك تماما حيث استفاد المدوّنون كثيرا من الفايسبوك على اعتبار أنّه يساهم في انتشارهم بشكل كبير، الفايسبوك يقدّم خدمات جليلة للمدوّنين من حيث استقطاب جمهور قرّاء و زوّار جدد، و تطبيقاته المختلفة المدمجة في قوالب المدوّنات ساعدت على التكامل بين الفايسبوك و المدوّنات، و أعطت ثقة أكبر للمدوّنين على طريق استمرار تجاربهم التدوينية.


 


لقيت مؤخّرا حملة تعاطف و تأييد بعدما تعرّضت لتوقيف تعسفي بمقرّ عملك..أين وصلت الأمور؟


هناك إيمان قويّ لدى الشّباب(الأبناء) بضرورة التحوّل، شباب  يرفض أساليب التّفكير و التّسيير القديمة و يرفض الوصاية( وصاية الآباء) على العقول. عندما يتمّ توقيف شاب كفء عن العمل تعسفيّا لمجرّد تقديمه رسالة لوزير قطاعه، فهذا يعني أنّ مفاصل الدّولة تعاني مرضا خطيرا و خبيثا يسمّى الفساد الإداري؛ البيروقراطيّة السّلبية تكاد تنهي حلم الدّولة الحديثة، و لا يمكننا الحُلم بجزائر المستقبل في ظلّ استمرار الوصاية على العقل و تقييد الحريّات، الصّراع بين الأجيال قد يأخذ منحى عنيفا من جديد لأنّ المجتمع الجزائري يعاني أزمة قيم.



كلمة أخيرة ؟


أشكرك كثيرا سيّدي على إتاحة هذه الفرصة لي، و أقول لكلّ قرّاء جريدتكم الغرّاء : ينقصنا أن نتعلّم، ندرُس فندرك، ونفهم دور كلّ واحد منّا في المجتمع الذّي نعيش فيه ويعيش فينا، لأنّ كلّ شخص مهم، و حياة كلّ فرد أهمّ.



 

لقراءة الخبر من مصدره، اضغط هنا 

حوار مع الكاتب والمترجم ومُؤسِّس "مجتمع رديف" الأستاذ يونس بن عمارة على جريدة الحوار ~ْ

الكاتب والمترجم ومُؤسِّس "مجتمع رديف" الأستاذ يونس بن عمارة للحـوار: غاية مشروع "مجتمع رديف" الأساسيّة إضفاء قيمة اقت...