الاثنين، 26 ديسمبر 2011

مفهوم العلم .. ومفارقات الواقع / حاج داود نجار

 


- داود حاج نجار



1
أفادت دراسة قام بها فوج من الباحثين في مركز شمال إفريقيا للبحث و التدريب في الإعلام المعمّق أن 85 % من المشاكل المطروحة التي تعاني منها المجتمعات و المواطنون ، في مختلف أنحاء الجزائر ، أو حتى في سائر مناطق العالم الذي يشهد اضرابات و يوصف بالمتخلف تعود إلى سوء فهم و إدراك صلاحيات الهيئات والمؤسسات التي تمثل الشعب ، بدأ من المجالس البلدية إلى المجلس الشعبي الولائي إلى البرلمان ، و قد أجريت الدراسة على 1250 مستجوب بين ناخب و منتخب وأعضاء تنفيذيّين.
و تقول الدراسة التي أجريت في غرداية خاصة ، ومدن أخرى من جنوب الجزائر ، أن لجوء الناس إلى لغة الشارع للتعبير عما يعانون منه من مشاكل تتفاقم يوم بعد يوم ، هي أن ممثلي الشعب في هذه الهيئات لا يؤدون الدور المنوط بهم بفاعلية و صدق و تمكين ، و قبل كل هذا بعلمية ودقة ، و احترافية.
و تقول الدراسة أن 70 % في المائة من أعضاء هذه الهيئات ينشغلون بمصالح خاصة جدا ، وفي كثير من الأحيان تافهة ، و يهملون الدور المنوط بهم في إيجاد حلُول فاعلة للمشاكل والأزمات المتفاقمة ، و نقل معاناة الناس للهيئات ذات الإختصاص و الصلاحيّة ، ومتابعة طرق علاجها بعلم و موضوعية ورزانة، بل واحترافية.
بل الدراسة أكّدت أن 90 % من أعضاء هذه الهيئات لا يعرفون أصلا صلاحياتهم و لا صلاحيات الهيئات التي يوجدون فيها وربما يحصلون على مسؤوليات تتناقض مع تخصصاتهم ومعارفهم ، بل و يتقاضون منحة من خزينة الدولة و مال الشعب، و لذلك فهم لا يستطيعون فهم طرق و مهارات توظيف ما تتمتّع به هذه الهيئات من دور و صلاحيات ، بعلم وحكمة كما يفعل بقيّة الناس في كل المهن من السبّاك إلى الكهربائي.
و قام بالدّراسة فوج من الطلبة و الباحثين متطوعين من جامعات مختلفة في الجزائر في تخصصات علم الإجتماع و النفس والإتصال والإقتصاد و الشريعة.
و تؤكد الدراسة أن عدم معالجة هذه المشكلة بعمق – مشكلة سوء فهم صلاحيات الهيئات المنتخبة خاصة - قد تؤدي إلى تفاقم الأمراض وليس تعقد المشاكل فقط ، بل وتفاقم مرض ضغط الدم و السكر و ظاهرة الإنتحار والحرقة والتسول ، و حتى بعض الأمراض الخطيرة المعاصرة كالسرطان و الطّلاق ، كل هذه المشكلات الصحية و الإجتماعية هي نتيجة سوء فهم واستعمال الصلاحيات الموجودة فعلا لدى الهيئات المذكورة ، أي هي نتائج طبيعية وحتمية للجهل الواضح بمهمة هذه الهيئات ، مما يجعلها في حالة سكر أو تخذير دائم و مستمر ، و هذا يؤدي إلى مزيد من الشعور باليأس و القنوط لدى الكثير من المواطنين يتضاعف و قد يؤدي إلى كوارث فجائية.


2
و تدقّق الدراسة التي يؤكد أصحابها أنها مطروحة لمزيد من البحث و النقاش العلمي الواسع لتشير أن الديمقراطيّة التي يروج لها الغرب ، هي كذبة خادعة لا تؤدي إلا إلى مزيد من الأمراض و المصائب و النكبات إن لم يتم وضع حد لمختلف أشكال الهيمنة والإستحمار الممارس من طرف الدول التي تصف نفسها بالكبرى أولا ثم التّدقيق في فهم و إدراك الصلاحيات ، و حسن توظيفها ، و التفريق بين المصالح الخاصة و العامة.. لأن الإنسان الذي يملك قناطير من الأدوية فيما يسمى بالعلوم الدقيقة لا يعني أنه يعي طرق وضع كل دواء في موضعه ، أو إدراك مهارة اكتشاف المرض أو الوباء أصلا ، لأن الأمر يحتاج إلى متخصص ماهر أولا .. أكيد ثانيا : إلى أجهزة متطورة في التّحاليل والأشعّة للتوصُل إلى مكمن الداء ، ليسهل حينها علاجه.
وتُدقق الدراسة أنه من غير المعقول مثلا أن نجد في رئيس لجنة من لجان هذه الهيئات فرد ليس له أي علاقة بالملف الذي تتخصص به الهيئة ، كالصحة والعمران و التهيئة العمرانية و الفلاحة وهو أخطر ما يمكن تصوره ، في حين أن الزّمن زمن علم ودقّة ، و قبل كل هذا مهارة في المجال ، لماذا ؟ "لأن الحسابات السياسية لها علاقة بتقسيم مناصب و منافع ، استجابة للوبيات وجماعات الضغط ، و لا يهمها بعد ذلك مصير الناس".
والسياسة حسب منظرها تشير الدراسة دائما في حوصلة لأحد فصولها، تعني الغاية التي تبرر الوسيلة ، أي إن أردت الوصول إلى هذا الهدف على جثث أبرياء مهما كان عددهم فلا يهم ، المهم الغاية ، و هذا أخطر ما يمكن تصوره في السياسة ، و علم إدراة شؤون البشر ، و تحسين شؤون حياة الناس.


واستنادا إلى دراسات أخرى أكثر دقة في تحدد عوامل تفاقم بعض الأمراض المعاصرة ، فإن نمط الحياة يؤثر إلى درجة كبيرة على احتمال الإصابة بالسرطان ، و قال رئيس فريق باحثين آخر في بريطانيا البروفيسور ماكس باركين "يعتقد الكثيرون أن السرطان يعود إلى القدر أو العوامل الوراثية، و لكن بالنظر إلى الأدلة يتضح أن حوالي 40 في المائة من حالات الإصابة ناجمة عن عوامل نملك السيطرة عليها " ، و أن إدارة شؤون الناس بالسياسة و مهارة الكذب على الرأي العام ، و بقاعدة " الغاية التي تبرر الوسيلة" هي من العوامل القوية لارتفاع منسوب الأزمات و الأمراض والأوبئة منها حالات السرطان و ضغط الدم و السكر.
3
ومن جملة ما ورد في الدراسة أن في آخر بحث قام به فريق بريطاني فإن 40 في المئة من حالات السرطان المشخصة في بريطانيا [ 130 ألف حالة] تعود الى عوامل مرتبطة بنمط الحياة كاستهلاك الكحول و التدخين و السمنة.
و اتضح من الدراسة أن استهلاك الكحول ، و للتدخين التأثير الأكبر بين العوامل المذكورة، حيث هو مسؤول عن 23 في المئة من حالات السرطان عند الرجال و 15.6 في المئة عند النساء، يليه قلة استهلاك الخضار والفاكهة الطازجة عند الرجال و السمنة عند النساء ، و نشر التقرير في دورية British Journal of Cancer.
و يقول معدو البحث البريطاني الذي اعتمدته الدراسة إنه يتضمن التحليل الأشمل حتى الآن حول الموضوع.


و تضيف دراسة إدراك و فهم الصلاحيات أن الإعلام و الجامعة خاصّة ، على عاتقهما دور متعاظم في التدقيق في عملية النّقد و التحليل بكفاءة قصد تأهيل القدرات في مهارات فهم الصلاحيات ، و أن الإعلام الذي يتجه نحو الدّعاية فقط ، هو شكل من أشكال تجديد أنظمة الفساد والإستبداد ، خاصة ذلك الذي تهيمن عليه شركات نهب الريع و الهيمنة باعتباره أخطر مشكلة تواجه الإنسانية عامة ، و مدمّر للحياة المعاصرة ، يفترض الإسراع في علاج هذا الإنحراف الخطير ، بتفعيل مواثيق الشرف المهني ، و مجالس الأخلاقيات التي تقوّّي المهنة ، و تضعُف في حال إصابة هذه الهيئات بالشلل ، و أن الجامعة لا يجب أن تكون ساذجة و تركّز على موضُوع "مناصب الشغل" كهدف بقدرما يفترض أن تُدقق في مناهج و مهارات البحث عن حلول ناجعة و فاعلة بل و عاجلة لأخطر و أعقد المشكلات المعاصرة تعقيدا ، و الشغل هو جزء بسيط جدا من هذه المشكلات ، بل نتيجة لمشكلات أخرى قد تم إهمالها ربما قصدا لم يتم التدقيق في البحث عن سُبل علاجها بعلم و دقّة واحترافيّة.


و خلصت الدراسة بجملة : [ أننا نعيش عصر معضلته الأولى كثرة النّعم و الخيرات ، و تعدّدت فيه المؤسسات ، و الهيئات ، مع كثرة الفساد ، و لكن قلّ فيه العلم الرصين والإخلاص فيه ، و التمكين في مهاراته ، و في مقدمة العلوم ، علم إدراك صلاحيات كل هيئة لماذا وجدت أصلا ؟ ، و هل هي تؤدي دورها المطلوب بنصح و إنصاف و علمية و كفاءة ؟ أم هي بصدد نشر الوعي الكاذب ، و تضليل الناس لأن غريزة المصلحة الضيقة والجري وراء المناصب و المكاسب تحكُم مفاصل أفرادها ؟ و في مقدمة هذه الوسائل المدمّرة بالخلق حسب الدراسة دائما "إعلام الدعاية و التضليل "] الذي لا يهمه عادة التركيز على علاج هذه المفارقات و كشف مخاطرها باستمرار و بدقة..
و قد نعود إلى بعض تفاصيل هذه الدّراسة لأهميتها في وقت لاحق .


 


                                                  حاج داود نجار 


                                     عن موقع بزاف /  http://bezaaf.com/?p=507

الاثنين، 19 ديسمبر 2011

الثورات العربية بعيون مدونين جزائريين ...

                                                                    


                              الثورات العربية بعيون مدونين جزائريين


منير سعدي


 


لا حديث اليوم بخصوص كلّ الأصعدة يخلو مما يحدث في بعض دول العالم العربي في ما يسمى بالثورات العربية أو الربيع العربي بين مؤيّد لها على أنها عنوان مرحلة تغيير شاملة تنهي عصر الاستبداد والتخلف و عقلية النظام الأبوي الذي يتدخل في تفاصيل حياة الناس و يحرمهم من أبسط حقوقهم عكس الكثير من دول العالم ! وبين رافضٍ لما يحدث على أساس أنها أكبر مؤامرة يتعرض لها العالم العربي وما يحدث هو استغلال لمطالب الشعب وطموحاته ورغبته في إسقاط الأنظمة لأجل تمرير وتجسيد مشاريع غربية تهدف إلى تقسيم العالم العربي بالشكل الذي يخدم مصالحه أهمها الاستحواذ على مصادر النفط والثروات الأخرى ومحاولة إجهاض أي نوايا من نظام ما للسيطرة على المنطقة ! خاصة بعد ما حدث في ليبيا وتدخل قوات الناتو تحت ذريعة حماية وتحرير الشعب الليبي والذي أكّد أن ليس كلّ ما يحدث في العالم العربي هو ثورة حقيقية تهدف إلى التغيير وتعمل لانبثاق فجر جديد بحياة أكثر كرامة وإنسانية و حرية ! كما لم ننسى ما حدث في العراق وغيرها ! في هذا الصدد نرصد عن قرب رؤى بعض الأسماء الجزائرية من عالم التدوين والصحافة والتي تميزت صفحاتهم الالكترونية في الفترة الأخيرة بما يتعلق بهذه الأحداث .


- نجار حاج داود /  إعلامي ومدون :



هي مجرد انتفاضات لا ثورات ، لا يمكن إطلاقا قيميا و لا علميا أن نقع في فخ وصف الاستنجاد بالأجنبي الذي كان يمثل الاستدمار بالأمس و يدعم احتلال بيت المقدس اليوم ، ليوهمني بأنه جاء ليساعدني في عملية إسقاط نظام فاسد انتهت صلاحيته و هو نفسه الذي كان يدعمه بالأمس مباشرة أو غير مباشر ويفعل اليوم كذلك مع أكثر من بلد ... وهذه الانتفاضات لا يجب أن نحكم عليها في شوطها الأول ، لأن العبرة بالنتائج والفصول الموالية التي تحركها غالبا وبدقة متناهية ، و كما نشاهد قوى معروفة وفق حسابات اقتصادية خاصة يديرها اللوبي المهيمن على شبكات إعلام الدعاية والمكر والتضليل انطلاقا من قطر البلد الوحيد الذي تربطه علاقات تجارية مع اللوبي الصهيوني الأمريكي وقد سبق وأن شاهدنا ما حدث لحماس في فلسطين من تنويمهم باسم الديمقراطية ، وكذلك ما حدث في الجزائر في بداية تسعينيات القرن الماضي والآن نشهد في مصر وربما حتى في تونس ... مع الإشارة أن هذه الانتفاضات فيها الجانب السنني القوي كذلك لا يجب أن نغفل عنه ، و الناتج عن التغيير الرباني و تسيير شؤون خلقه حين لا يرقى الإنسان بفكره و قدراته إلى ما منحه الله من نعم لا تقدر بثمن ، و لكنه مارس مختلف أشكال إلغاء تلك النعم بسيطرة الأهواء و مختلف أشكال الإغواء على فكره ، و النتيجة الطبيعية الغرق وسط أشكال الظلم و أمراض النفس كالرياء و العجب والعصبية إلى الكبرياء.. الخ ، و الاستبداد هو الابن الشرعي لكل هذه الأمراض السرطانية ، و حين يفقد الإنسان بوصلته أو يجهل عناصر قوته وفي مقدمة هذه العناصر إدراك أسرار ما في العقل ، يسهل حينها العبث بوجوده لا بمستقبله فقط ، لذلك فإن قبل العقل كقيمة أو أداة لتحقيق النهضة الحضارية للإنسان المعاصر نقدم الغيب أي إدراك نهج خالق هذا العقل ، وإدراك عناصر الإلهام واستشعار مصدر القوة الحقيقة ، ولو أدرك أي إنسان أنه يمتلك عقلا يتجاوز ما في ليبيا وقطر والجزائر بل وكل منطقة الخليج من ثروة مجرد الإدراك فقط ، ويبدأ في خطوة التوظيف بما حدده خالق هذا العقل والذي حرم على نفسه الظلم ، لما ارتقينا إلى مستوى العلم المنشود الذي يبني أسس الحضارة الراقية ، لتعوض الحضارة الدموية والدمار الذي يروج له إعلام الدعاية القطري وتوابعه من قنوات الناتو .

- قادة زاوي / مدون  



أطلت علينا سنة 2011 بما كانت تشتهيه نفس كل إنسان عربي ...  الحرية و التخلص من الدكتاتوريات و الأنظمة الفاسدة التي رسمت الماضي العربي طيلة النصف الثاني من القرن العشرين فكانت البداية من تونس التي أطلق أبناؤها التائقون للحرية صوتا واحدا: ارحل لبن علي الذي فر هاربا بعد أشهر قليلة من تفجير ثورة الياسمين  ليرفع المصريون أصواتهم كذلك داعين إلى التغيير مرابطين في ميدان التحرير حتى سقط الفرعون مبارك  وتستمر معها انفجار الثورات هنا وهناك في دول عربية أخرى ، غير أن بعضها شابتها شوائب مثلما حدث في ليبيا مع تدخل حلف الناتو إلا أن هذه الثورات عبرت بشكل كبير عن نفسية الإنسان العربي الذي يريد أن يرسم مستقبله بيديه .


- يوسف بعلوج / كاتب ومدون


 


الحرية تفتك ولا تمنح ... افتك التوانسة حريتهم، ويفتكها المصريون الآن من أيادي العسكر، في ليبيا سقط الديكتاتور المخبول الذي حكم شعبا بطريقة تهريجية على مدار أربعين عاما، سوريا تدفع الدم كل يوم، في البحرين هناك حراك يعتم عليه ، واليمنيون أثبتوا أنهم ليس بالشعب الصريع المخدر بعشبة بائسة تجمع المورفين والكافيين تسمى القات !  الأنظمة العربية لم ولن تفكر في الإصلاح، أنظمة تهوى الركل على مؤخرتها والخروج من الباب الضيق إلى مزبلة التاريخ ، وبالتالي أي حديث عن إصلاحات هو حديث خشبي هدفه إطالة أعمار أنظمة انتهت صلاحيتها منذ فترة بعيدة ، السؤال الذي يطرح نفسه الآن : من التالي ؟


-  عمار بن طوبال /  مدون



لست متفائلا بالربيع العربي الذي انتظرناه طويلا، لأن نتائجه المنظورة مخيبة لآمال قطاع عريض من التنويريين العرب الذين آمنوا بدولة مدنية وديمقراطية ، فالثورة التي توصل مقاتلي القاعدة للاستيلاء على الدولة لا يمكن أن تكون باعثة على أي أمل في التغيير نحو الأحسن ، نحن نلاحظ صعود مذهل للإسلاميين بمشروعهم السياسي المنافي في جوهره للديمقراطية بمعناها الحقيقي و ليست تلك الديمقراطية التلفيقية التي يحاول راشد الغنوشي مثلا تسويقها إعلاميا كمزج بين مبادئ علمانية وإسلامية متنافرة في جوهرها ... باستثناء الثورة المصرية التي هي نتيجة تاريخ طويل ومرير من النضالات من أجل دولة مدنية قوية تحترم الحرية وتقدسها كمبدأ ، فإن ما حدث في تونس وليبيا ويحدث في سوريا واليمن لن تكون نتائجه ايجابية حسب ما أرى، في مصر الثورة مستمرة من أجل تحقيق أهدافها وهي الأمل الوحيد فيما يسمى بالربيع العربي لأنها ثورة حاملة لمشروع مجتمع غير إقصائي لهذا يمر تحقيقها بمخاض عسير لم يخبر عن نتائجه النهائية بعد، وكل الرجاء أن لا تختطف الثورة المصرية من طرف التيارات الأكثر معاداة للديمقراطية  .


 - أحمد بلقمري / كاتب و مدون



إنّ الشعب العاجز أمام الدولة و العائلة و الدين و مؤسسات العمل و التربية وغيرها، والعاجز ضمنها يعيش في حلقة مفرغة، كبيرة هي حلقة لزوم الدور، بمعنى أنه ينطلق من نفس النقطة لينتهي عندها، لكن تلك الحركة المستمرة و المتواصلة تحدث بمرور الوقت نوعا من الوعي المنطلق من اللاشعور الفردي و الجماعي، نحو الوعي بالمشكلات المختلفة للمجتمع، مشكلات التفكك الاجتماعي على مختلف المستويات إلى غاية الأسرة و انطلاقا منها، مشكلات خلخلة واضطراب القيم و المعايير المجتمعية، انتشار الصراعات بين مختلف العناصر المكونة للمجتمع بسبب جوقة المصالح ، هذا ما أدّى إلى ظهور الاضطرابات في النظام العام للمجتمع الدافع نحو التغيير اللاإرادي في كثير من الحالات، فلجأ الفرد ومن خلاله المجتمع إلى الدفع نحو تحسين أوضاعه في مختلف مناحي الحياة، و التخلص من التبعية و الطبقية الحادة، الدفع نحو التخلص من السلطوية الإرهابية الخانقة للحريات و الحقوق الأساسية للإنسان، حيث سعى المجتمع لامتلاك مصيره بيده، فبدأ بالبحث عن تجاوز الواقع الراهن إلى المستقبل المنشود للخروج من حالة التخلف و تحقيق التنمية، وبين هذا وذاك تطور الوعي لدى أفراد المجتمع حتى وصل مرحلة متقدمة جدّا مطالبا بإقامة نظام جديد." لذلك أرى بأنّ هذه الظاهرة صحيّة تماما و هي عبارة عن رغبة عكس القانون، وهو نقيض ما يروج له تماما على أنّها ثورات مخطط لها من قبل القوى الامبريالية ممثلة في الو م أ بالدرجة الأولى. إنّ هذه القوى استطاعت أن تستشرف هذا الواقع الجديد بفضل مختلف الأجهزة التي ترصد لها التغيرات و التطورات على مستوى مختلف الدول لا سيما الدول العربية، كما استطاعت أن تستثمر فيها إلى الحد الأقصى على الرغم من أخذها على حين غرّة في الحالة التونسية.


-  خالد بشار وليد / صحفي و مدون



منذ البداية كنت أرى الثورات التي يصفق لها الكثير على أنها برعاية غربية ، لكن هناك إشارة بأن هذا ليس اتهاما للثوار و الشباب على أنهم خونة ، لكن هناك استغلال للمخابرات الغربية لحجم المعاناة والضغوطات التي عانتها الشعوب العربية من اضطهاد أنظمتها و كانت كل الدراسات تشير إلى انفجار وشيك ، من هنا هندست المخابرات ولوبياتها وعملائها مكان وجودها لتتبوأ مكانة مفجر الثورة والمساندة ، نتيجة أخيرة أن الثورات تنتج لنا أنظمة استبدادية قد تكون مختلفة عن الأخرى التي لم تكن تجرؤ على علنية تعاملها مع الغرب بقدر ما كان ظاهرا لنا أما اليوم ففي الأنظمة الجديدة صارت على علن تعلن أن مرجعيتها ساركوزي و أوباما ...، في الأخير أشرت إلى هذا يوم كان الكل يعتقد أن من ينتقد الثورات جبان في مقال في مدونتي بعنوان " ويحسبها الناس ثورة شعوب " و هي لغة استعمارية جديدة وهذا المقال بتاريخ 20 مارس ... لكن الكل وصفني بالجبان ليعودوا ويتحدثوا اليوم وكأنهم اكتشفوها من تطورات الوضع و كأنهم دائما يرضون أن يكونوا فئران تجارب ، وهذا راجع إلى أن العربي صار يجيد لغة التبير بدل التعبير العلمي .


 -  توفيق التلمساني / مدون



بحسبة بسيطة يجريها أي إنسان مهما كان مستوى ذكاؤه سيكتشف أنه لا يعقل أن الشعوب العربية بعد كل هذا الزلزال السياسي ستعود للحالة التي كانت تعيشها من قبل ، بل سيتضح لدى أي واحد أن الأمة مقبلة على عهد جديد تتعامل فيه مع السياسة بشكل مختلف ، إذ يكفينا من كل الدول التي شهدت أحداثا في الفترة الأخيرة أن نذكر مصر التي تعتبر دولة محورية و هي كما نعلم قادرة على التأثير في المنطقة برمتها ، لو ننظر لمستقبل هذه الدولة و نأخذ بعين الاعتبار أن الجزائر دولة مستهلكة في مجال الثقافة وجب علينا أن نتوقع الأثر الذي ستتركه الثورة المصرية في إنتاجها الفكري كنوعية الكتب الدينية و الأدبية و السياسية التي ستصدر في المستقبل و كل ما يساهم في صنع فكر و وجدان المواطن لدينا ، لذلك فإذا فرضنا جدلا أن دعاة الثورة سيكونون فئة شعبية من ضمن الفئات الأخرى في بلادنا و أن عددهم لن يتضاعف أكثر مما هم عليه الآن فالمنطق يفرض علينا على الأقل أن نضع في الحسبان أنهم سيصبحون من الفئات التي تستطيع أن تخلق المفاجأة في أي وقت أنا مع الإصلاح و لكن هذا لا يمنحني الحق في أن أعتبر دعاة الثورة أعداء للوطن ... و من هنا فنحن لن نخسر شيئا لو ننتظر و نتابع لنرى ما ستسفر عنه الثورة المصرية و التونسية على المدى القريب و المتوسط السبب الآخر هو أني مقتنع بأن الأحداث الأخيرة ستفرض على كل الأنظمة العربية سواء سقطت بفعل الثورة أو لم تستقط ، ستفرض عليها أن تبادر بتغييرات جوهرية و لو بعد حين .


 


- أسامة حميدة / مدون


المولود الجديد يخرج إلى هذا الوجود بعد آلام و مخاض عسير, يخرج صفحة بيضاء ناصعة لا يشوبها شيء... و كذلك الثورات العربية , هي نتيجة تراكمات طيلة عقود اتسمت بالمعاناة و الألم نتيجة السياسة المنتهجة من طرف الحكام الذين اغتصبوا السلطة لأعوام عديدة و مديدة  ،  بعض الثورات العربية بريئة و تلقائية ( مثل ما حدث في تونس و مصر ) , فالثورة ولدت بعد مخاض عسير و آلام مبرحة , و جاءت إلى هذا الوجود بريئة براءة الطفل الصغير , و فرح بها الأحرار في كل بقاع الأرض فرحة الوالدين حين يرزقان بمولود جديد ... الربيع العربي كبر مع مرور الوقت و لم يصبح بريئا كما بدأ في تونس , فالقوى الفاعلة على الساحة لم تخاطر بترك الأمور أن تسير في سكة المجهول بل قرروا استلام زمام الأمور , و ظهر هذا جليا في الحراك الدبلوماسي العالمي أثناء كل ثورة , و تعدى هذا بكثير في ليبيا حيث كان هناك تدخل عسكري , و هنا لم يقف حلف الشيطان موقف المدير عن بعد , بل أصبح يستثمر في الربيع العربي كما يشاء ليعيد رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد أو كما يقولون سايكس بيكو جديد يحيل المنطقة بأسرها إلى حروب أهلية قد تنتهي بتفكك دول كاملة ... إذن الثورات التي تحدث حاليا و النزاعات التي ستحدث مستقبلا ستكون نتيجة استثمار أمريكا و حلفائها في "الربيع العربي" الذي أخشى أن يتحول إلى شتاء أمطاره دماء الأبرياء و رياحه صرخات العقلاء التي تمر في الأرجاء مرور الكرام , و ليله طويل مظلم و الفجر بعده ضباب مبهم  .  


                         


                                                                                                               منير سعدي / موقع بزّاف


                                                                                                        http://bezaaf.com/?p=496


 

حوار مع الكاتب والمترجم ومُؤسِّس "مجتمع رديف" الأستاذ يونس بن عمارة على جريدة الحوار ~ْ

الكاتب والمترجم ومُؤسِّس "مجتمع رديف" الأستاذ يونس بن عمارة للحـوار: غاية مشروع "مجتمع رديف" الأساسيّة إضفاء قيمة اقت...