السبت، 13 ديسمبر 2014

أنا الطفل .. والمسجد ! ~ْ



ممّا أتذكّّره من صغري .. أنّي اِسْتَمعتُ يوماً لشريط سمعي لأحد " الدُعاة " يتحدث فيه عن صلاة الجُمعـة وخُطب المساجد ، أتذكّر ُ جيداً أنّه قالَ الخُطبة التي لا تُبك ِ المُصلّين وتجعل الكثيرين منهم يُغمى عليهم من شدة البكاء والتأثّر بها ليست بخُطبة مسجد .. أنّ الخُطبة التي لا تَحضُر فيها الإسعاف ُ مُدوية لنقل المُغمى عليهم للمستشفى .. ليست بخُطبة إمام !! ، مازلتُ أتذكرُ جيداً ما الذي أصابني بعد سماعِ ذاك الشّريط .. حالة خوف وهلع .. وعدم رغبة في دخول المسجد .. تكوّن لديّ بسبب ما سمعتُه من ذاك " الداعية " هاجس غريب وتساؤلات ظلّت تعجّ في رأسي لفترة طويلة ، كنتُ أقول في نفسي أنا أذهبُ للمسجد لأنّي أحبّ الله وأؤمن به وأريد أن أتعلم كلّ شيء عن دينه .. كيف يساعدني المسجدُ بهذا الجو الغريب المشحون .. بكلّ هذا الخوف .. وماذا أتعلّم من إمام يسعى لي بالهلع والإغماء والمستشفى وسيارات الإسعاف ! ،، كنتُ في المسجد ألتفتُ إلى كلّ زاوية من حولي أترقّب ما سيحدث ُ .. كيف سَيَبْكِ ِ المُصلّون ويُغمى عليهم ومتى ستأتِ سيارة الإسعاف لنقل المصلّين المُنهارين للمستشفى ! .. كان مفهوم الدين بالنسبة لي في صغري ينحصرُ في ذاك المشهد الموحش البائس الذي تكوّن لديّ بسبب الشريط الذي سمعتُه خاصّة أن أغلب المصلين كانوا يخرجون من صلاة الجمعة وتبدو على وجوههم ملامح الحيرة والقلق والخوف واللاإطمئنان وكأنّهم كانوا في تحقيق بمركز شرطـة لنظام ديكتاتوري !
بمرور الأيام بفضل تجارب أهمّها القراءة الّسّفر الحُبّ الكتابة .. وعي العائلة وعلاقتي الجيدة معها تفتّح عقلي على أشياء كثيرة .. وأَشْرَق َ وَعيُه .. لم أعد أثق أولا إلا في عقلي .. فيما يؤمن به ويراه حقيقة .. وأنّ الإسلام هو الجمال والفرح والاطمئنان والسلام والحبّ ، أنّ الإسلام لا يُقاسُ أبدا ً بحال المسلمين ولا بأئمته ولا بخطبهم وحقيقته أرفع وأسمى ،، أنّ الإسلام مصباح ٌ إن اقتربنا منه أنارَت قلوبنا ووجوهنا .. وإن ابتعدنـا عنه أظلَمَت ! ~ْ 

منير سعدي ~ْ 


حوار مع الكاتب والمترجم ومُؤسِّس "مجتمع رديف" الأستاذ يونس بن عمارة على جريدة الحوار ~ْ

الكاتب والمترجم ومُؤسِّس "مجتمع رديف" الأستاذ يونس بن عمارة للحـوار: غاية مشروع "مجتمع رديف" الأساسيّة إضفاء قيمة اقت...