الجمعة، 3 نوفمبر 2017

اختارها جمهورية للسّحاب والمطر، الكاتب والشاعر منير سعدي يحتفل بزهرته الأولى بصالون الكتاب / زينة بن سعيد


منير سعدي : الجمهورية تجربة خاصة وبعد النشر ننتقل لمرحلة أخرى

يحتفل الكاتب والشاعر منير سعدي بجمهوريته الخاصة، حيث اختار لها "جمهورية السّحاب: مطر وأشياء أخرى" كعنوان مثير وجذاب، ويحاول من خلال نصوصه بها تقديم روحه والتعبير عنها بأكثر ما يحسّه قريبا منه. فعن دار "الجزائر تقرأ"، قرر الانطلاق بجمهوريته والاحتفاء بها كأول زهرة له بصالون الكتاب 2017 في حفل توقيع مُبهج.
"
يسعدني لقاء الرّفاق في صالون الجزائر الدولي للكتاب السّبت 28 أكتوبر 2017 السّاعة الثانية زوالا بجناح دار الجزائر تقرأ للنشر والتوزيع بالجناح المركزي، الطابق الأول لتوقيع جمهورية السّحاب وللحديث عن المطر وأشياء أخرى، تعالوا كي نبتسم كثيراً ونقرأ ونلتقط صور سيلفي ونتذكّر أنّه يمكننا أن نكون بخير"، بهذه المحبّة الكثيفة يدعو منير سعدي أصدقاءه وأحباءه وكلّ من له مزاج في القراءة والشعر والحب ليشاركوه فرحة توقيعه للجمهورية، كأول عمل ورقي يحتفي هو الآخر به.
منير سعدي، كاتب وشاعر شاب، لديه الكثير من الفرح والألم وكلّ الهشاشة التي يقتضيها الشعر وتستلزمها الكتابة، بالمقابل لديه الكثير من الأمل يرتسم عاليا في نظرته وابتسامته المزهرة، قد يستمر غائبا لأشهر طويلة عن فضاءات التواصل الاجتماعي ويوقع كل منشور بـ"أنا لست بخير"، حتى أنه يفتتحُ صفحته الفايسبوكية بـ"أنا لستُ مسافراً.. لستُ سائحاً، أنا هاربٌ من شيء ما إلى شيء ما، أنا لاجئ، أنا لستُ بخير ! "، لا يخجل من التعبير عن ألمه أو حزنه أو غضبه الذي عادة ما يميل إلى العتاب الجميل، لكن لا أحد سيكتئب بدخول صفحته المليئة بالبهجة والطفولة والبهاء، لا أحد سيكتئب بالأزهار التي ينثرها، وبالمحبّة التي يقدّمها، منير سعدي لا يدّعي شيئا، لا حبا ولا كرها ولا ألما، منير سعدي مثل واجهة زجاجية يمكنك رؤية ما تخفيه وراءها.
الكتابة عند منير سعدي، هي التعبير عن الجرح والألم، عن الغصّة والخيبة، عن البهجة أيضا، عن كلّ ما يختلج قلبه وروحه، اختار اللغة ليفعل، اختار أشد ما يمكنه أن يُؤلم، فحالات الكتابة مؤلمة وكثيفة بالتوتر والحزن، اختار الطريق الصعب، الطريق الذي يستنزف الروح والإحساس لكنه الطريق الوحيد الذي يُعبر به المرهفون، حيثُ يفتحون جراحهم علنية، يفتحون قلوبهم وأرواحهم، ويكتبون.
يظهر شغفُ الكتابة لدى منير سعدي في كل ما يتعلق به من ملامحه إلى كتاباته، يظهر بكل فرحه، وهو يحاول مقاسمته مع قرائه وأحبائه وأصدقائه في الواقع والافتراض، وكل متتبّعيه، فما كان منه إلا أن يجمع رصيده الثمين لينشر عمله الأول، لن نعتمد المولود الأول، فأنا دائما مع كوننا من يولد بعد كلّ عطاء.
أن تتميز باللغة لا يعني أنك أفضل من الآخرين، ومن هذا المنطلق كسر منير سعدي صورة الكاتب النمطي، الذي يخلق حاجزا بينه وبين من لم يسعفهم الحظ في التمكن من الكتابة، بينه وبين هذا الأخير الذي يقرأ فرحه وأحلامه وأحزانه في كتابات هذا الكاتب. هاهو منير يكسر هذا الحاجز العميق، ليقول أن الكاتب شخص مثل الآخرين فقط هو يعبر بطريقة مختلفة، هاهو يتميز بروحه العذبة، ويقدّم أصابعه لقرائه ليقول لهم أن الكتابة تعلمنا التواضع، تعلمنا التواصل المبهج والشفيف
يقول منير في جمهورية السحاب "وحده اليأس من يجعلنا نكفّ عن شحت الانتظار على عتبات الوهم وترقّب نتائج تجارب لم نقُم بها أصلا! وحده من يقطع بنا حبال أرجوحة الانتظار الجبان.. لنسقُط من تخدير الوهم على وجع الحقيقة!" كحقيقة يعريها ويحاول تقديمها للقارئ كصدمة أو ربما كتنبيه، وحتى كصفعة. ويكتب عنه كطفل ولنا كأطفال ومازالنا "وهل تتمدد على الأرض، وتلقي التحية على الأرصفة، تُقبل النوافذ المبللة، تداهم بوجهك الباسم أوراق الشجر، تعانق البيوت الضاحكة، تركض ركضة الأطفال الراقصة، في طريق المدرسة، تلاحق برك الماء، تبعثِرُ هدوءها كمجنون المدينة، وهل تعود طفلا طائشا، يلوّح بيديه للسما، يحلُم أن يسبح في غيمة، لا يعرف للحبّ معنى، لكنه يحسه جدا، مثلي أنا، حينما يأتي المطر!"، وعن سرّ العيش يقول "نمارس الحياة، نتتفس سرا، نحب خفية، لكي لا نزعج الكره، نضحك.. نمارس فوضى الحب، نتمرّغ بين أحضان العشق، نكتب الشعر.. ونصرخ في المنام.. بالوهم، عند الصباح لا نلعن استبدادنا، ولا نزيح عارنا، بل نحمد الرب، على نعمة النوم والحلم !"، وفي الحب يصالح ويحسّ ويقول "وإن غضب الصباح في عينيك، واحتجب، سترحل الطيور، وتجف منابع المطر، وتنكّس رسائل الحب، أيرضيك أن تموت أحلامي عطشا، وفي ابتسامتك سر الغيوم!".
يتحدّث منير سعدي في مقدمة كتابه، بطريقة اللغز عن علاقته بالكتابة وكيف بدأت، يتحدّث عن "منير" تحديدا، يرسم جزءً من محيطه والمكان الذي ترعرع به، المكان الذي رأى فيه النور، المكان الذي جعله يكتب في النهاية، كتب ليقدّم صورة عن منبع صفائه وابتسامته العالية، ليخبرنا عن هواجسه، وكيف تكون البسمة وكيف تؤول صدمة ما إلى لغة.
وفي حديثه لـ"الجزائر الجديدة"، عبّر منير سعدي عن أهمية "جمهورية السحاب" لديه، قائلا أن لها قيمة وأثرا خاصا في نفسه، فهي تروي عبر صفحاتها تجربته الخاصة أيضا، بالإضافة إلى المطر الذي يحتل مساحة كبيرة مما يكتبه، مضيفا أن هذا الكتاب تجربة فرضت نفسها على النشر، وهي مرحلة لها أدواتها الخاصة وظروفها، معتبرا إياها عتبة انتقال لتجارب أخرى أكثر تطورا، وانفتاحا على فضاءات أخرى، ثم أنه -يقول-
من الرائع أن يجمع الكاتب نصوصه في كتاب يدفعه نحو مرحلة أخرى.

جريدة الجزائر الجديدة / زينة بن سعيد



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حوار مع الكاتب والمترجم ومُؤسِّس "مجتمع رديف" الأستاذ يونس بن عمارة على جريدة الحوار ~ْ

الكاتب والمترجم ومُؤسِّس "مجتمع رديف" الأستاذ يونس بن عمارة للحـوار: غاية مشروع "مجتمع رديف" الأساسيّة إضفاء قيمة اقت...