"
بعد مجزرة أسطول الحرية ...
مهزلة السلام والصمت العربي ...إلى أين ؟! ..."
منير سعدي
mounir2003l@maktoob.com
إن المجزرة الأخيرة التي ارتبكها السفاحون الإسرائليون بعد هجومهم على أسطول الحرية المتجه إلى غزة
بنِيّـة دعم إخوانهم الفلسطينيين ومحاولة فك الحصار على أهالي غزة هي الدليل الألف على عدم نية الكيان الصهيوني في السلام تجاه الشعب الفلسطيني الذي يعاني ويلات الحصار ولا مع أي طرف مساند لفلسطين والقضية الفلسطينية ... وقد أثبتت إسرائيل وبكل وقاحة قدرتها على قصف القوانين الدولية كما قصفت مراراً إخواننا الفلسطيننين وأن القوانين المعمول بها دوليا فوق الجميع إلا مع إسرائيل ... هي الوحيدة لها حق تجاوز الخطوط الحمراء وارتكاب المجازر وقتما تشاءْ ... !!
فعلا صارت إسرائيل كذبة ومهزلة بالنسبة للعالم فبعد المجزرة التي ارتكبتها في حق المتضامنين في أسطول الحرية تصرّح بحقها في الدفاع عن نفسهـا وأن المتضامنين هم من بدأوا الاعتداء ! هذا طبيعي فالإسرائيليون معروفون بالكذب وتزوير الحقائق ... والكذبْ ... فقط حرفوا حتى كلام الله ... !! وسبوا الله ورسوله ... فكيف بالعرب والمسلمينْ ... !؟
إن التفكير في السلام مع إسرائيل كحل إستراتيجي بعد كل الأحداث التي وقعت يعدُّ حقيقةً ضرب من الجنون ومن السذاجة والحمق أيضــاً ... !
ماذا يعني هذا الصمت الرّهيب ... وهذا الكلام الكثير اللامنطقي عن السلام ومفاوضات السلام ؟! التي صارت حقيقةً نكتةً مللنا سماعهـاً... !
أليسَ من الحمق والغباء أن نفكر في السلام ونحنُ نموتُ الموتةً تلو الأخرى ... وإسرائيل ترتكب المجازر الواحدة تلو الأخرى ... ! والله إن مجرد التفكير في السلام مع إسرائيل يعدُّ خيانةً وتورّط في كل تلك المجازر بشكل أو بآخرْ !
كيف نفكّر في السلام مع سفّاحين يقتلون الأبرياء ويشرّدون الأطفال والنساء والشيوخَ ... ويهدّمون البيوت
ويلعنون أصحابها ويرمون بهم خارج دوراتهم الدمويّـة !
كيف نفكّر في السلام مع عصابـةٍ تحتلّ أرضنا المقدّسة ... وتقول بأعلى صوتها " هذهِ عاصمة لنا ! " وترمي بآهاليها خارج التاريخْ ! ... كيف نفكّر في السلام مع من تسرّبوا من حدودنا ورقصوا على تاريخنا وقاسمونا بيوتنا وخبزنا ... ومنعوا علينا الصلاة في الأقصى العظيمْ ... !
والله إن مجرد التفكير في السلام مع إسرائيل يعدّ حقيقةً اعترافـاً بالاحتلال وبحقه المزعوم ! إن ما سُلبَ بالقوة لا يسترجعُ إلا بالقوّة والتاريخ يقولها لنا بأعلى صوتـهِ ! ومبادرات السلام وتفكيرنا فيها مع الاحتلال على مرّ التاريخ هي من رسّخت الاحتلال وجعلت لهُ حقـاً مزيّفـاً وجذوراً في أرضنا وبنينا له قصراً ... وزوّجناه وصار له أحفاد أيضـاً !!
على رأي الإمام مالك بن نبي " من أسباب نجاح الاستعمار هي القابلية للاستعمار "' ...
لا يوجد تفسير لهذا الصمت من أغلب الأنظمة العربية بعد كل ما حدث خاصة بعد مجزرة أسطول الحرية وقتل واعتقال أصحابه إلا أنه تورّط في القضية وخيانة بكل المقاييسْ ... !!
ماذا يعني كل هذا الصمت الرهيب لأغلب وسائل الإعلام العربية .... وكأن الأمر لا يعنينا وكأن الذين ذُبحوا كلاب مشردة ! سوى أنّهُ مُوجّهُ وغير مسؤول !
إن فعلا واقعنا العربي في مشكلة حقيقية لا يتغير وجهه إلا بتحرّك شعبيّ ... !
لم يبق أمل في تغيير الحال إلا المقاومة الشعبية ... تحرّك شعبي يقتلع السفارات من جذورها ... ويشعل فتيل المقاومة ... المقاومة سلاحنا الوحيدْ ... ! وأملنـا الوحيدْ ...
إن القضية الفلسطينية من أكثر القضايا التي عرّت أغلب الأنظمة العربية وفضحت مؤامرتها وتورطها بجدارة وإسرائيل ليست الوحيدة التي تحاصر الفلسطينيين وتقمعهم في قوتهم وعيشهم ... كثير من الأنظمة التي ساهمت بكل عمالة في كل المجازر التي حدثت ومدّت يد " العون ! " بكل وقاحة في فرض الحصار ...
فهؤلاء المجرمون الصهاينة اقترفوا هذه المجزرة بكل دم بارد كما عودتنا فهي تعرف أننا أمة أغلب شعوبها مقيدة بأنظمة غير شرعية ... أقل ما يقال عنها أنها عميلة وخائنة بكل المقاييس لكل القضايا المتعلقة بالعرب والمسلمين ... !
ماذا يعني أن تغلق مصر الحدود في وجه شعبِ يعاني ويلات الحصارْ ... ولو كانت مصر مساندة للشعب الفلسطيني وفاتحة حدودها للمساعدات الإنسانية ... لما وصل الأمر إلى هذا الحدّ ... من المعانات ... وقتل المزيد من الأبرياءْ ... كمجزرة أسطول الحرية مثلاً ...
ماذا ننتظر من إسرائيل ككيان محتل أن يقدم للفلسطينيين إذا كانت معظم الدول العربية متورطة في قمع هذا الشعب ... !؟
ماذا يعني أن تكون مصر بلد العروبة والإسلام والعلماء !! لا تساعد المسلمين في غزة ... على بعد خطوات عملاً بـ " لا يؤمن من بات شبعانــاً وجاره جائع " ... وغلق المعابر والله إن خطوة بناء جدار العار العازل أكبر فضيحة في تاريخ مصر ... الجدار الذي كانت تشرف عليه لجنة أمريكية ... من البلد الذي يدعم قتل المسلمين ... ! كيف يموت العشرات من المسلمين في عرض البحر همهم نصرة ومساعدة إخوانهم في غزة بقرصنة بشعة قادها قتلة إسرائليون ... وعلم إسرائيل يرفرف في مصر " العروبـة !" والأمثلـة كثيرة ... أليست هذه خيانـة علنيّة و " على عينك يا تاجر ! " ...
هل هذا النظام شرعي ؟ حافظ على كرامة شعبه وسيادة بلده .. ؟! هذه والله إهانة للشعب المصري والعربي قبل الشعب الفلسطيني ... ! أين الشعب المصري الذي هاج وثار في أحداث المباراة مع الجزائر ... أين الحملة التي أطلقها الإعلام المصري
على الجزائر دولة وشعبـاً ... أين هم اللاإعلاميون الذين كانوا أبطال الشتم والمسبات أيام الثورة الإعلامية الوهمية ضدّ الجزائر .. ؟! أين هم ليعلنوها حربا إعلامية على هؤلاء المجرمين السفلة القتلة من الإسرائيليين ... !أين هم الذين حرقوا علم الجزائر ... جزائر الشهداء والأبطال ... ليحرقوا علم إسرائيل ... ويهدّموا سفارة إسرائيل كما حاولوا تهديم سفارة الجزائر ... البلد العربي المسلم المناضلْ ... !
الرئيس المصري شفاه الله ... وشفـا إنسانيتـه المريضـة تحدث عن كرامـة المصريين في أحداث كرة قدم ...
أين هو اليوم ليتحدث عن كرامـة الفلسطينيين المحاصرين ... عن الأبرياء المعتقلين ... وعن الأبطال الذين سقطوا شهداء تضحيةً شعب يعاني ويلات الاحتلال ... !
كان ذلك كله لأجل مباراة كرة قدم !! ... ليكن ذلك اليوم لأجل الأبرياء والشهداء ... ولأجل الأقصى الشريف !ولأجل إخوانهم المحاصرين في غزة !
إن محاولة إسرائيل ردع هؤلاء المتضامنين من إيصال المعونات إلى المحاصرين من الشعب الفلسطيني ستبقى قائمة بلا شكّ ... فإسرائيل عودتنا على محاربتها كل من له نية في إنصاف هذا الشعب !
فحقيقةً صارت أمريكا والمنظمات الدولية ... وقوانينها كذبة كبيرة آن الأوان أن تنكشف ... ويصبح لا مرجع ولا وجود لهـا ... !
فأمريكا التي تساعد إسرائيل وتمولها بالدبابات والأسلحة ... هي من ستمنعها من إرتكاب المجازر وقتل المزيد من الأبرياء ... !؟ هل رأيت مجرمـا يحث مجرمـا على ترك الإجرام !؟
وأين الأمم المتحدة من كل المجازر التي حدثتْ... ؟ أين هذه المنظمة التي " أسّست " على مبدأ حفظ السلام والأمن في العالم !؟
كفى استهتاراً بحقوق الإنسان وبمشاعر المسلمينْ ... و اعتقال هؤلاء المتضامنين ومصادرة المساعدات لن ينهي مشروع التضامن والمساعدة والوقوف إلى جانب الفلسطينيين المحاصرين ومد يد العون لهم دون ملل !
لو أتيحت الفرصة لهؤلاء إعادة تلك التجربة لن يتوانوا لحظة واحدة ... وإذا استشهد بعضهم في هذا العمل الإنساني الراقي ... هناك الملايين ممن لا يتضامنون ويساندون إخوانهم فقط وإنما يضحون بحياتهم من أجل القدس و الأقصى الشريفْ ...
هذا الشعب العربي بلا شكّ سيتحوّل صمته إلى رصاصْ ... وتنساب من هذا البركان الخامد حممـاً تلعن الذلّ والصمت وتنادي بالحرية والوحدة ومقاومة المحتل ... واسترجاع كل شبر من هذه البلادْ ...
يجب أن تغير هذه التجربة بعض من دواخلنـا وتبعث فينا غيرةً ونبضـاً جديداً فقد طال صمتنـا ولا بد أن يتحول ذلك إلى ثورة حقيقية ...
منير سعدي
Mounir2003l@hotmail.com