- رئيس الملتقى الدكتور عبد القادر قوبع: إعادة نقد وتقييم وتجديد الحركات الإصلاحية صار أمرا
لا بدّ منه.
- الدكتور الطيب بلعدل: نحتاج إلى فهم الحركات الإصلاحية في تلك المرحلة حتى
نفهم حركات التجديد الحديثة.
نظّم قسم العلوم الإنسانية بمساهمة نادي خطوة حرة بجامعة زيان عاشور بالجلفة ملتقى وطني موسوم بـ (الحركة الإصلاحية
في العالم الإسلامي بين القرنين 19و20م، المشارب والآفاق)، حيث افتتحا رئيس
الجامعة وعميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية الملتقى، ليليهما رئيس الملتقى
الدكتور عبد القادر قوبع مُعرّفًا بأهداف الملتقى ومحاوره وبالكتاب الجماعي لأشغاله
الذي وُزّع على المشاركين قبيل انطلاق ورشاته، والذي جاء في 500 صفحة وبـ 37
مداخلة علمية، كما أشار في كلمته إلى أنّ هذا الملتقى جاء استجابةً لتوصيات
الملتقى الذي ترأسه عام 2016 (الفكر الإصلاحي الجزائري المعاصر)، حيث
توسّع في طبعة 2020 إلى مختلف مناطق العالم الإسلامي، وتركزت إشكالية البحث حول
أسباب فشل الحركات الإصلاحية في العالم الإسلامي، وأسباب التنكّر لجهودها
وإنجازاتها لصالح العمل السياسي أو العسكري.
انطلقت الجلسات العلمية في أربع
ورشات تميّزت بتنوّع المشاركات بين طلبة الدكتوراه والأساتذة الذين قدموا من مختلف
الجامعات عبر الوطن على غرار الجزائر العاصمة والشلف والمسيلة والوادي وغرداية
وأدرار والمدية والبليدة ووهران والبيّض وتيزي وزّو وخميس مليانة وتيارت وغيرها، ومن
تخصصات مختلفة كالتاريخ والفلسفة وعلم الاجتماع والفقه والتفسير والعلوم السياسية.
دارت أغلب المداخلات حول المرجعيات
الثقافية والدينية والاجتماعية للحركات الإصلاحية، وكذا أهمّ المظاهر والوسائل،
إضافة إلى دراسات نقدية أو مقارِنة للمجهود الإصلاحي في مختلف البلدان الإسلامية
كتركيا، مصر، الجزائر، المغرب، تونس، افريقيا ما وراء الصحراء.
جاءت مداخلة الدكتور قراش عبد
الرحمان من جامعة الجلفة أفريقية بامتياز، بعنوان "الحركة الإصلاحية في غرب
أفريقيا، حركة الشيخ عثمان دان فوديو 1754-1817"، أما الدكتور الشافعي درويش
من جامعة غرداية فتطرّق في مداخلته إلى الحركة الإصلاحية في تونس خلال القرن 19،
ومحاولات التحديث التي أشرف عليها الوزير التونسي خير الدين باشا، أما مداخلة
الدكتور معمر قول من جامعة وادي سوف بعنوان "زحزحة الثوابت والأصول وأثره في
ظهور الحركات الإصلاحية، حركة بديع الزمان سعيد النورسي 1876-1960 في تركيا
"، هذه الحركة التي أجمعت الدراسات الأكاديمية على دورها الكبير في محافظة
المجتمع التركي على هويته وعمقه وسلامه الروحي، رغم ما تعرّض له من صدمة التغريب
التي تبّنتها الكمالية التركية، أما الدكتور محمد عيساوي من جامعة المسيلة اتّجه
للبحث في إسهامات العلماء المحقّقين المعاصرين في تحقيق التراث الإسلامي، وخدمة
قضايا الإصلاح، من خلال جهود العلّامة المحقّق عبد الفتاح أبو غدة(1336-1417هـ)،
خاصة في مجالات التراث والحديث والمخطوط، أما الدكتور نور الدين باب العياط من
جامعة الشلف فبحث في مداخلته علاقة التفسير بسؤال التجديد في الخطاب الإصلاحي من
خلال كتابات الأفغاني ومحمد عبده، في حين جاءت مداخلة الدكتور ميلود فضة من كلية
الآداب بجامعة الجلفة حول الشعر الإصلاحي الجزائري الحديث وقضاياه الموضوعية،
بدراسة واستعراض أشعار محمد العيد آل خليفة ورمضان حمود، واستعرضت الدكتورة عمران
حدة من جامعة الجلفة المنهج التربوي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وعناصر
التميّز والجدّة والقوة فيه، باعتبارها نقاط النهوض الحضاري والتصدّي للمشروع
الاستعماري الفرنسي التغريبي.
اتجهت محاضرات أخرى في مختلف
الورشات المُنظَّمة للبحث في الأرشيف الفرنسي مثل مداخلة الدكتورة قراوي نادية من
جامعة سعيدة بعنوان " النشاط الإصلاحي للشيخ البشير الإبراهيمي في منطقة
مستغانم من خلال الأرشيف الفرنسي"، الدكتور أحمد شارف من جامعة الجلفة تطرق
في مداخلته إلى سيرة المصلح والمفكّر محمد الغزالي من خلال خصائصه وقضاياه..
مدافعًا عن البعد العقلي والهدوء الذي عُرف به الشيخ الغزالي واهتماماته الحضارية،
أما طلبة الدكتوراه فتميّزت ورشاتهم بالتطرّق لأعلام الإصلاح مثل مداخلة الأستاذة
قليل رحيمة حول الشيخ حمدان الونيسي، الذي يُعتبر الأب الروحي والملهم لرجال جمعية
العلماء المسلمين، ومداخلة الأستاذ حسن بربورة من جامعة المدية حول إصلاحات الصدر
الأعظم مصطفى رشيد باشا في الدولة العثمانية ومحاولاته التحديثيّة، ومداخلة عمر
بوزيدي حول دور شكيب أرسلان في الحركة الإصلاحية بتونس، ومداخلة الأستاذ محمد علي
مساعد حول المشروع الإصلاحي والفكر النهضوي لمحمد بيرم الخامس التونسي.
يقول رئيس الملتقى الدكتور عبد
القادر قوبع للحوار"يقول المثل: ينتبه الناس لسقوط شجرة
واحدة في ثانية ولكنّهم لا ينتبهون لنمو آلاف الأشجار خلال سنين في هدوء وسكينة،
هذا هو حال الحركات الإصلاحية التي شهدتها مختلف مناطق وبلدان ومجتمعات العالم
الإسلامي، الحاجة اليوم ملحّة لإعادة الاعتبار للدراسات التاريخية الثقافية
والفكرية والدينية وإضعاف حالة المركزيّة التي تتمتّع بها الدراسات التاريخية
السياسية والعسكرية الثورية" ويضيف "لقد تحقّق الاستقلال العسكري والسياسي
ولكن التخلّف لا زال يفتك بالمجتمعات الإسلامية للأسف الشديد، إذن إعادة نقد
وتقييم وتجديد الحركات الاصلاحية صار أمرا لا بدّ منه"
ويقول للحوار أستاذ البلاغة بجامعة
الجلفة الدكتور الطيب بلعدل الذي حضر الملتقى "الملتقى كان في القمّة من جهة
ثراء موضوعاته التي غطّت كلّ متعلّقات الحركات الإصلاحية في العالم الإسلامي،
وأغلب المواضيع كانت مرتبطة بالمحاور التي أعلن عنها منظّموا الملتقى، ومشاركة
مختلف الجامعات كان ملحوظا، وثمّة موضوعات طرقت لأوّل مرة في هذا الملتقى، كما أن
طبع العمل وتسليمه قبل الانطلاق هو بادرة حسنة"، وعن الاستفادة من الحركات
الإصلاحية في تلك الفترة ومن هكذا ملتقيات تناقشها يشير بلعدل إلى أنّ "
حركات التجديد الحديثة وحركات التنوير تحتاج إلى فهم هذه المرحلة، أو أنّنا نحتاج
إلى فهم الحركات الإصلاحية حتى نفهم حركات التجديد"
أكّد المشاركون في اختتام الملتقى
من خلال التوصيات على ضرورة تثمين الملتقى وترسيمه في طبعات لاحقة، وترقيته إلى
صبغة دولية، وتشجيع الطلبة على الدراسة والبحث في مجال الحركات الإصلاحية في
العالم الإسلامي عامة والجزائر خاصة، وكذلك تفعيل مشاريع وفرق بحث في هذا المجال،
وإبراز دور النخب المحلية والوطنية في الحركة الإصلاحية، وأيضا الاهتمام بدراسة
وتحقيق المخطوطات المتعلقة بالإصلاح محليا ووطنيا، كما تمّ التنويه بطبع أعمال
الملتقى الذي ضمّ 37 مداخلة علمية من بين المداخلات المشاركة في الملتقى، والتأكيد
على ضرورة طبع الجزء الثاني الذي يضم بقية المداخلات، والتأكيد على استمرار ذلك في الطبعات اللاحقة.